بعد ترجمته الضافية لمختارات من قصص الكاتب الروسي الكبير أنطون تشيخوف.. ها نحن مُجدداً مع الأستاذ تحسين عبد الجبار في مصفوفة من مآثر تشيخوف المسرحية، التي تكتسي قيمة استثنائية بترجمتها الراهنة الجامعة بين الرشاقة والمُحايثة المؤكدة لجوهر المنطق التشيخوفي في التعامل مع كوموترا جيديا الحياة. فالمعروف عن تشيخوف الكاتب القاص والمسرحي أنه صادر عن بيئة روسيا القيصرية التي اعتمرت بالمفارقات والتصادمات الاجتماعية الطبقية، وتغوُّل الزمن الأتوقراطي للدولة التاريخية الأوروآسيوية الممسوسة بتقاليد الأعراق والقوميات والرِّهاب الديني السياسي.
وبمقابل تلك الصورة الناتئة على قشرة المجتمع العليا، سنجد حالة الفقر والغرائب التي تُحاصر المجتمع العام بمعقول اللامعوقل من خطاب وظواهر وأحداث.. فيصبح العنف النفسي الواقع على عامة الناس ظاهرة تصادر آدميتهم وكينونتهم الطبيعية. وقد حرص تشيخوف على مقاربة تلك الظواهر من خلال الواقع الاجتماعي البسيط، الذي يؤلم بقدر ما يثير التساؤلات المقرونة بالضحك حد البكاء، وأفلح تشيخوف في التقاط شوارد العِبر من خلال إشاراته الوامضة، واستقرائه الذكي لعوالم البشر الداخلية، وجوانياتهم المعجونة بالألم.
تشيخوف الكاتب المسرحي كان ولا يزال مُلهماً لكتاب المسرح في العالم العربي.. ذلك أنه من القلائل الذين يُقدمون نصاً سهلاً ممتنعاً، ويجعلون المُتلقي في حالة ذهول مقرون بالمُضْحك المُبْكي في حيوات البشر.
النصوص المسرحية المترجمة لأنطون تشيخوف تضعنا مباشرة في متواليات النسق التشيخوفي إبداعاً ورؤية، فيما تتقدّم على درب التعمير التأصيلي المعرفي الذوقي في الكتابة المسرحية القابلة لتعمير بيئة الابداع المسرحي بالعروض المختارة والإصدارات الموازية، والمجاورة الدلالية المفاهيمية لأنماط الكتابة المسرحية العالمية.
Omaraziz105@gmail.com