الإجراء السعري الذي اتخذته الحكومة مؤخراً والقاضي برفع الدعم الحكومي عن المشتقات النفطية جاء كتحصيل حاصل لما وصل إليه الاقتصاد الوطني من تردٍّ انعكس على كل جوانب الحياة.
ذلك أن الاقتصاد الوطني الراهن لا علاقة له بالحماية الاجتماعية الافتراضية للدولة، كما أنه يفتقر إلى الريع الاستثنائي القادم من النفط أو الغاز، فيما يرتبط بآليات النظام النقدي الدولي الذي يتربّع الدولار الأمريكي في قلبه ويحدّد مصائره ويضفي عليه الشرعية الاقتصادية الناجمة عن إقرار مسبق بدفع اتاوات ناجزة لصالح الدولار الأمريكي مما لسنا بصدد تفصيله هنا.
أمام هذه الحقائق الدامغة؛ ما كان أمام الدولة اليمنية المرهقة بالأزمات سوى الذهاب في طريق من اثنين: إما القبول بانفلات نقدي يؤدّي إلى متوالية تضخّم مالي يفقد فيها الريال قيمته الإسمية والفعلية في الشارع، وإما الذهاب إلى إجراء نقدي توازني يضيف إلى خزينة الدولة ما لا يقل عن 4 مليارات من الدولارات السنوية والتي كانت تذهب حصراً إلى جيوب حفنة من المهرّبين وتجار السوق السوداء ومافيا النهب المنظّم للمال العام..!!.
هذه الخطوة سوف لن توصل إلى النتائج المرجوة إن لم تترافق مع حزمة صارمة من إجراءات الترشيد الجبري، وخاصة في الميزانيات العسكرية الخارجة عن نطاق السيطرة، بما في ذلك المخصّصات الوهمية للأفراد غير المنخرطين في السلك العسكري والأمني، وكذا ميزانية ما يسمّى «شؤون القبائل» والتي تُصرف لبعض المشائخ، بمن فيهم ذوو الياقات الجديدة، وميزانية وزارة الخارجية التي تتضمّن كماً هائلاً من المصروفات غير المبرّرة، حتى إن المنتسبين إلى هذا السلك يتجاوزون بمراحل الحاجات الفعلية والعملية لأداء ممثليات الدولة في العالم، وأخيراً وليس آخر يعرف القاصي والداني درجة التلاعب الكبير بميزانيات الإيفاد إلى الدراسة والعلاج مما هو مرصود في مؤشرات وزارة المالية..!!.
إن لم تُتخذ هذه الخطوات وبجدية صارمة سوف تنقلب الإجراءات التوازنية الأخيرة رأساً على عقب.
Omaraziz105@gmail.com