جرت العادة عند أفول عام واستقبال آخر أن يتوقّف المرء بالتحليل والتقويم لأخذ العبر والدروس ومن ثم وضع الخطط والبرامج المستقبلية.
ولأننا نودّع عام 2014م المثقل بالمشكلات والتحدّيات ونستقبل عام 2015م بالأمل والتفاؤل والثقة بإمكانية تجاوز تلك الصعوبات؛ فإننا نتطلّع إلى تأسيس مرحلة جديدة تقوم على الشراكة وإعادة البناء وفقاً لخطط مدروسة لا تقبل العشوائية والتباطؤ، خاصة أن حكومة الكفاءات قد حظيت بثقة نواب الشعب لتنفيذ أهداف هذه المرحلة بكل تعقيداتها وطموحاتها.
لقد ورثت هذه الحكومة تركة مثقلة، لعل في طليعتها تلك المرتبطة بالاختلالات الأمنية وتدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية للمواطن، وما لم تتضافر جهود النُخب والمكوّنات المجتمعية في إطار دعم الحكومة؛ فإن العام القادم سوف يشهد انتكاسة خطيرة على مستوى تحقيق وإنجاز تلك التطلُّعات التي يعوّل عليها اليمنيون كثيراً لانتشال الوطن من المأزق الذي يعيشه راهناً مع الأسف الشديد.
وفي هذا الإطار، لابد من التأكيد مجدّداً أن غياب حالة التوافق بين الأفرقاء على ساحة العمل الوطني سوف يرتب كذلك أعباء إضافية على أداء الحكومة وكافة المؤسّسات مما سيؤدي – بالنتيجة – إلى تعطيل تنفيذ استحقاقات المرحلة المقبلة والمرتبطة أساساً بالانتهاء من الفترة الانتقالية ووضع مشروع مسوّدة الدستور للاستفتاء وإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في وقتها المحدّد.
لذلك ليس غريباً أن تحظى هذه القضية بأولوية اهتمام حكومة الكفاءات وعلى غيرها من المهام باعتبار أن إعادة وضع عجلات مسيرة البناء إلى وضعها الصحيح يعتبر بمثابة مقدّمة لإنجاز مشروع إعادة البناء بشكل عام.
ومن هذا المنطلق، تبدو حاجة الحكومة - كمنظومة عمل متكاملة - إلى الاستفادة القصوى من الظروف الملائمة وتوظيفها في اتجاه جدولة أولوياتها في معزل عن اجتهادات بعـض الوزراء الذين يغرّدون خـارج السرب وخارج إطار خطة الحكومة المرسومـة.
وإذا كـان المنطـق يدعونا إلى التفاؤل بتخطّي عثرات العام المنصرم؛ فلابد أن تكون هذه الحالة الإيجابية معصومة بإجماع مختلف المكوّنات السياسية والحزبية والمجتمعية من خلال التخلّي عن إعادة إنتاج الصراعات والمكايدات والمماحكات، فضلاً عن توظيف قدرات المؤسّسات التشريعية والتنفيذية وباقي المؤسّسات في الإطار الذي يساعد على أن يكون العام الجديد عاماً للعمل وعودة التفاؤل والأمل إلى النفوس بأن المستقبل سيكون أفضل.