قلنا بالأمس إن الدين السياسي رديف لكامل المصطلحات التاريخية المفاهيمية التي لاحظت وجه العلاقة بين الدين والأيديولوجيا، وكيف أن هذه العلاقة ترنَّحت بين مثال أيديولوجي باحث عن مجتمع ألفي فاضل، وبين المدرسة الجامدة التي حولت الأيديولوجيا إلى دين أرضي، كما حدث ويحدث مع كامل الأيديولوجيات التي خرجت من تضاعيف الفكر العالمي بيساره ويمينه، حتى أن الماركسية الاستالينية تحوَّلت ذات يوم بعيد إلى شبه تابو ديني متعصب، وهذا حدث أيضاً وضمناً مع ليبرالية البرلمانات الأوروبية التي منحت المستعمر صك الغفران، وقبلت بالاستعمار والاستحواذ وممارسة العنف المنهجي ضد «الهمجيين» في جنوب العالم، كما جرت تلك التسمية العنصرية المركزية في أدبيات الاستعمار، وعلى درب أكثر وحشية وحِدَّة نقف أمام النموذج الأمريكي المستغرق في وحشية القوة دون أدنى ريب.
هذا النموذج لم يستخدم النيتشوية الأيديولوجية لتبرير مركزيته المستمدة من قوانين الطبيعة غير الآدمية، بل يغذي من طرف خفي أعتى الإستيهامات الدينية تعصباً ودموية، فيما يبدي في الظاهر عكس ذلك، ولعل مثال أفغانستان خير شاهد على ذلك، وما يجري اليوم على خط القاعديين والداعشيين شاهد متجدد، يكشف مدى تورط الطغم الإجرامية المحلية في بلدان البروفات السياسية «المقدسة» في تنفيذ الأجندات الخادمة لفوضى الشعوب غير البناءة.
هكذا يتوزع الأشاوس المقولة الدينية.. طوراً بظهور فاقع اللون، تنفذه البيادق الصغيرة في رقعة الشطرنج الجهنمية للوحشية العالمية، وحيناً من خلال القطع الكبيرة في رقعة الشطرنج الدولية التي يقود سجال دمارها الكبير أُمراء الحرب العالمية الدائمة.
Omaraziz105@gmail.com