خطاب الرئيس أوباما الأخير كان محافظاً جداً تجاه الأوضاع الدولية، مُقلاً في التشخيص، بقدر ما كان حذراً في مفرداته الخاصة بالملفات الدولية الساخنة، فقد ألمح إلى الصراع العربي - الإسرائيلي عبر النافذة التقليدية لثنائية الأمن الإسرائيلي والدولة الفلسطينية الافتراضية، مُعيداً تكرار المقولة النحيلة، بالتوازي مع فقدانها للمعنى، ودونما تحديدٍ للنقاط، وملامسةٍ للمُستجدات المتوازية مع مناورات تل أبيب الَّلزجة الاستحالية، كما أغفل أوباما الوضع في مصر على أهمية مصر المركزية في العالم العربي، وكأنه يتموْضع في منزلة بين منزلتين، ولا يريد الإقرار الحاسم بالتداعي الحر مع المستجدات القائمة، وهكذا بدا الأمر أيضاً فيما يتعلق بإيران.
الغائب الأكبر في معادلة الخطاب اتصل بروسيا وأدوارها المتعددة الأكثر وضوحاً على خط سوريا وأوكرانيا، حيث بدا أوباما بعيداً تماماً عن تشخيص المشكلة القائمة والتباسها بالسياسة الأمريكية في الحالات الثلاث الأكثر صعقاً ووضوحاً، وهي الحالة السورية والحالة الأوكرانية، وأنظمة الدروع الصاروخية الشاخصة في شرق أوروبا.
وهنا لا بأس من استعادة توكيد المركزية الروسية الجديدة في هذه المعادلة، حيث أصبحت روسيا لاعباً بارزاً في المعطيات الثلاثة آنفة الذكر، من خلال تطويعها الدؤوب للحل المُمْكن في المسألة السورية، وإمساكها بالخيط الرفيع الفاصل بين تأييدها للنظام من جهة، وتقريبها للمعارضة العلمانية العصرية من جهة أُخرى .. أيضاً حضورها الوافر في الحالة الأوكرانية، من خلال تعظيم القيمة المجردة لورقة المنافع الأوكرانية المباشرة في التعامل التحالفي مع روسيا، وأخيراً وليس آخراً نشرها لدرع صاروخي غير مألوف في “أوراسيا” المتاخمة لصواريخ حلف شمال الأطلسي.
Omaraziz105@gmail.com