التطورات الدراماتيكية الأجد في أوكرانيا كانت متوقعة بكل الحسابات، فالمعادلة التي تبدو أوكرانية داخلية بامتياز، موصولة بكامل الأوضاع “الأوروآسيوية” التي جعلت موسكو تبحث عن تمتين لحمة العلاقات المصيرية مع بلدان الاتحاد السوفيتي السابق، ذات العلاقة المباشرة بالإمبراطوريات الروسية التاريخية. وكانت فكرة “الاتحاد الأوراسي” الذي تبنَّاه الرئيس الروسي بوتين بثبات، رائيةً لهذه المسألة، واستطراداً على ما سُمِّي بعد انحلال الاتحاد السوفيتي باتحاد الجمهوريات المستقلة.. تلك التي ضمَّت مكونات الاتحاد السوفيتي السابق، ولكن على قاعدة تأكيد استقلال كل دولة من تلك الدول، مع الإبقاء على «شعرة معاوية»، من خلال جمهوريات الحكم الذاتي في الدول الجديدة الناشئة، كما هو الحال بالنسبة لأوسيتيا الجنوبية في جورجيا ما قبل الاكتساح الروسي، وشبه جزيرة القرم في أوكرانيا الراهنة.
بعودة سريعة إلى محنة الرئيس الجورجي تشيكاسفيلي سنكتشف أن انفصال أوسيتيا الجنوبية عن جورجيا، جاء مدعوماً بخط الرجعة القانونية التي تم وضعها بمجرد خروج جورجيا من رحم الاتحاد السوفيتي، ولقد كان تشيكاسفيلي متهوراً عندما اعتقد أن روسيا يمكن أن تقبل منه وضع مخلب القط لصالح مخططات بعيدة عن جغرافيا المكان والتاريخ، فقد سبق الاجتياح الروسي لجورجيا تلك المناورات المُريبة التي قادها يومئذ رئيس هيئة الأركان الإسرائيلي، وشاركت فيها الولايات المتحدة والقوات الجورجية، وكانت النتيجة الحتمية اجتياحاً روسياً لم يعدم الحيلة ولا الفتيلة، ولا حتى المبرر القانوني، وبالمقابل التزمت الولايات المتحدة ودول حلف شمال الأطلس صمتاً مطبقاً، تاركين حليفهم الجورجي في مرابع خيباته وخسرانه المبين.
Omaraziz105@gmail.com