يعكف حالياً المسؤولون في قيادة وزارة الثقافة ومحافظة تعز على إعداد تصوّر شامل يُرفع إلى القيادة السياسية بشأن إعطاء مدينة تعز وضعاً استثنائياً في إطار الدولة الاتحادية وبحيث يتيح لها أن تكون عاصمة ثالثة إلى جانب العاصمة السياسية صنعاء والاقتصادية عدن ضمن الخارطة الجديدة لتحديد الأقاليم في مشروع الدولة الإتحادية.
ولا أعتقد أن تحقيق ذلك بالأمر المستحيل ،إذ أن خاصية تعز في ريادتها ومواقفها وموقعها وإنسانها جديرة بأن تحظى بهذا الشرف ،خاصة بعد أن أُعتُمدت قبل فترة وجيزة كعاصمة للثقافة .. واعتبار مثل هذا التوجّه المساهمة في التعبير الصادق والجدّي عن المشهد الثقافي بكل تفاصيله ومختلف جوانبه.
ولأن المسألة ليست مجرد رغبة طارئة أو أمنية ملتبسة بل هي ضرورة حيوية وموضوعية ،الأمر الذي يرتّب على كافة النخب الفكرية والاجتماعية والسياسية وعلى مستوى الوطن بشكل عام مسؤولية دعم هذا التوجه ،خاصة و إن تعز تمتلك من الموروث الثقافي والموقع الاستراتيجي ما يؤهّلها للمطالبة بهذا الإستحقاق ،فضلاً عن ريادتها في احتضان بواكير الحركة الوطنية وإسهاماتها في حركة التغيير الذي شهدها – ولا يزال - الوطن على امتداد التاريخ الحديث ،الأمر الذي سيتيح لهذه المدنية _ في إطار هذه الخاصية _ القيام بالتزامات تحمُّل هذه المسئولية الوطنية بكل الجدية والاقتدار ،خاصة وإن حاجتنا جميعاً إلى الاستفادة من عبقرية المكان والإنسان في إشعاع الثقافة والتنوير والتواصل الحضاري باعتباره سنة تكاد تكون غائبة على مستوى المجتمع اليمني.
وتبعاً لذلك ،ليس أكثر من مدينة تعز بموروثها الحضاري أن تكون مؤهلة لهذه المسؤولية واعتبارها أحد ركائز جسر التواصل بين الثقافات الإنسانية في وقت أحوج ما يكون فيه اليمنيون إلى مد هذه الجسور.
وأعتقد أن توضيح هذا الأمر بصورة جلية وشاملة وتحديد ملامح هذه التوجّه سوف يساعد صاحب القرار في اتخاذ هذه الخطوة التي ستمثل واحدة من تجليات المشهد اليمني الراهن وعلى نحو الخصوص تجليات استحضار التجارب المتميزة في التاريخ المعاصر.. وهو أحوج ما يتطلع إليه الإنسان اليمني الذي يعيش هذا الأفق من التغيير إلى الأفضل ..والفكرة مطروحة للنقاش.