السجال المحتدم بين الحوثيين والسلفيين ليس جديداً، بل يمتد منذ سنوات طويلة خلت، فقد بدأت هذه المحنة بُعيد وحدة مايو اليمنية في عام 1990م، والتي توازت مع إعلان التعددية السياسية بالترافق مع الوحدة بين شمال وجنوب اليمن، يومها جاءت فكرة التعدُّدية بمبادرة من نظام الجنوب الذي أدرك منذ أحداث 13 يناير لعام 1986م، أن مشكلة المشاكل في الحزب الاشتراكي اليمني الحاكم آنذاك نابعة من كونه لم يضع في عين الاعتبار تنفيس الاحتقانات المحتدمة بين فرقاء الحزب الواحد، على قاعدة تشريع شكل من أشكال التعددية الداخلية في الحزب، وقد كان الشهيد جار الله عمر أول المبادرين لإعلان هذا الخيار الداخلي في الحزب، وتضافر معه على هذا الخيار كوكبة من الانتلجنسيا السياسية الراكزة، غير أن الفكرة المشروع لم تأخذ مداها في الجنوب، لكنها تحوّلت بين عشية وضحاها إلى شرط من شروط الوحدة بين الشمال والجنوب، وكان على طرف من شريكي الوحدة أن يتمثَّل الفكرة بطريقته الخاصة، وبالتالي سار الاشتراكي اليمني على خط التعدُّدية كخيار مستقبلي وبقلب مفتوح، بينما اعتبر شريكه في الوحدة ذلك الخيار مجرد مناورة تكتيكية في معادلة الصراع، ولم يكن المؤتمر الشعبي العام المقابل لاشتراكيي الجنوب حزباً بالمعنى الدقيق للكلمة، بل كان واجهة فضفاضة لسلطة الجمهورية العربية اليمنية بزعامة علي عبدالله صالح حينذاك.
عند إعلان الوحدة كان تيار الإسلام السياسي حاضراً في معادلة الأخذ بالتعدُّدية الحزبية، بوصفها إطاراً سياسياً يسهم في شرعنة التعدُّدية المعلنة، لكنه وبطبيعة الحال لم يكن أيضاً حزباً واحداً بالمعنى التوصيفي النمطي للأحزاب، فقد تشكّل حزب الإصلاح الإسلامي من تحالف ثلاثي التيار الإسلامي السياسي بزعامة الإخوان المسلمين الذين مثّلهم الشيخ عبدالمجيد الزنداني، وتيار المكوّن القبلي المتحالف مع السلطة ومثَّلهم الشيخ الراحل عبدالله بن حسين الأحمر، والتيار السلفي الطهراني الذي سرعان ما اختلف مع حزب الإصلاح الإسلامي بمجرد قبوله التكتيكي باللعبة السياسية التعدُّدية التي اقترحها «الشيوعيون» في عدن.... وللحديث صلة.