المشكلة التي يقع فيها الحوثيون المتعصّبون تتلخَّص في خيارين قاتلين؛ يتعلّق الأول باعتبار الحاكمية الإلهية مقرونة بآل البيت القادمين من بطنين شريفين «سلالة الحسن والحسين» وأن كامل الحاكميات التاريخية في العالم العربي تُجافي هذا الأمر الإلهي..!! قد يستغرب البعض من هذا القول؛ لكنها الحقيقة السافرة التي يعلن عنها مقاولو الدين السياسي بنموذجه الباطني الغريب.
أمَّا المحنة الثانية فتكمن في محاولتهم إعادة إنتاج نموذج «حزب الله» اللبناني، مُتناسين فوارق المكان والزمان والبيئة السياسية والتاريخية التي تجعل من تجربة «حزب الله» غير قابلة التحقُّق بالضرورة، كما أنها مفارقة لمنطق الزيدية التاريخية، لجهة تبرير فقه الحاكمية الافتراضية، والولاء للفقيه، فالحاكمية المرئية في فقه الإمام زيد بن علي تقول بالاختيار والتشاور والتحكيم، عوضاً عن التغليب السلالي الاستنسابي، كما تقول بالمنزلة بين المنزلتين في مواجهة النوائب والتحديات، وهو أمر لا علاقة له بما نراه الآن من تعبئة أيديولوجية دينية تتأسَّى بمقولات «حزب الله» اللبناني الشيعي الجعفري الغريبة تماماً عن تاريخ الزيدية اليمانية.
ذلك يستدعي من الانتلجنسيا الحوثية إعادة قراءة المصدر، والنظر إلى معنى الانخراط في العملية السياسية المفتوحة على كامل البرامج السياسية المعلنة، حتى وإن كانت تدعو إلى إمامة اختيارية يرضاها الشعب.
يعيد التاريخ اليمني إنتاج نفسه بطريقة ملهاوية ومأساوية، وما نراه اليوم لا يختلف كثيراً عن صراع الأئمة التاريخي في اليمن، فقد كان الجدل الكلامي المُحتدم بين فقهاء الزيدية مقروناً بالدين المذهبي؛ لكنه كان مجافياً بالمُطلق للمذهب، طالما تعلّق الأمر بالسلطان، وتلك خاصية قاتلة للحوثيين المتعصّبين، وفي يقيني أن القطاع المُتنور منهم يرفضون هذا المنطق جملة وتفصيلاً.
Omaraziz105@gmail.com