معارض التصوير الضوئي تمثل منطلقاً حضارياً وإنسانياً لأنها تضمين شامل لحوار الأنا النابعة من الخصوصية بالآخر المكمل له، والشاهد أن حوار الأنا والآخر الإنساني يتصل عُمقاً بكامل الضرورات الملحة في التاريخ البشري، كما يتضمن جواباً ناجزاً لأسئلة قلقة، كانت وما زالت ترافق الأمم والشعوب، فالأصل في العلاقة بين الحضارات والأمم.. التفاهم والتكامل المقرون ضمناً بالصراع المكشوف وفق مقتضيات الهيمنة والمغالبة، حتى أن القيم الدينية، والموروثات الإنسانية الحميدة مازالت عاجزة عن مواجهة الشر المستطير، الناجم عن ثقافة الغِلبة والمُغالبة والتغوُّل والاستباحة المادية والمعنوية .. ذلك أن مفهوم العنف الواقع على البشر لا يتوقف عند تخوم العنف المادي المباشر، بل يكتسي طابعاً أشد وطأة بالمعنى النفسي للكلمة، وهذا ما نشهده في بيئة “الفوبيا” العاتية، والخوف المرضي، وفقدان الحيلة، والعجز عن التعامل مع التحديات.
التصوير الفوتوغرافي مثَّل ويُمثل ديواناً بصرياً تسجيلياً، وعاكساً لكل ما يمت بصلة للواقع، وبهذا المعنى، نُعانق من خلال الصورة الفوتوغرافية قيماً جمالية رفيعة تَتَّصل بالدلالات، وتوثق للعوابر والمشاهد، وتضعنا في قلب المعادلة المعرفية الذوقية، لما كان وما يتم على أرض الواقع، فيما يأخذ هذا التوثيق الصُّوري قيمة استثنائية كلما اتسع ملعب المشاركة، وتظافرت فيه القيم الثقافية والتقنية المتنوعة، لكن الأهم من هذا وذاك أن مثل هذه المعارض تُمثل وسيلة حوارٍ وتفاعل وتبادل للمعارف، كاشفة المعنى العميق لمقولة (الأنا والآخر).. تلك التي تضعنا مباشرة في قلب المعادلة، فالآخر تدليل على الذات، سواء بالاتفاق أو الاختلاف، فالاتفاق دليل قيمة معنوية ودلالية لديَّ، والاختلاف يمنحني الفرصة لمراجعة مفرداتي ومنطلقاتي، وفي كلتا الحالتين تُصبح الأنا والآخر وجهي عملة واحدة، تمثل القيمة المُضافة، بصفائها ونقائها، وما دون ذلك ليس إلا نمط من المخاتلة المقرونة بالعناد والغطرسة.
Omaraziz105@gmail.com