- لاريب أن اللحظة الراهنة التي تمر بها بلادنا هي لحظة المواقف الوطنية الشجاعة والمسؤولة، لحظة الترفع عن الخصومات والسمو على الرغبات والصراعات في سبيل تحكتب/المحرر السياسي -
لاريب أن اللحظة الراهنة التي تمر بها بلادنا هي لحظة المواقف الوطنية الشجاعة والمسؤولة، لحظة الترفع عن الخصومات والسمو على الرغبات والصراعات في سبيل تحقيق التعاضد الوطني والاصطفاف الكامل إزاء كل التحديات والصعوبات التي تتطلب عزيمةً وصبراً فوق المعتاد لتجاوزها والعبور بالوطن إلى المستقبل المنشود الذي عبرت عنه مخرجات مؤتمر الحوار الوطني.
الوقت ليس وقت المزايدات الواهنة والمقيتة ولا وقت البحث عن تسجيل النقاط ضد الخصوم ولا وقت التقاعس عن المساهمة الصادقة في إنقاذ الوطن مما هو فيه دون اشتراط مصالح آنية أو مغانم أنانية ودون الالتفات إلى الماضي بأحقاده وصراعاته، باعتبار ذلك الماضي صفحة لابد من طيها إلى غير رجعة والإقبال على الحاضر لتطويعه باتجاه مستقبل أكثر أمناً وإشراقاً.
من المهم جداً انتهاز الفرص السانحة للملمة شمل اليمنيين في سياق الاستجابة للدعوات الصادقة والجهود المبذولة من قبل الأخ رئيس الجمهورية لتحقيق المصالحة الوطنية بين مختلف الفرقاء في ظل ما أقره مؤتمر الحوار الشامل من نتائج أجمعت عليها كل الأطراف وفي سبيل تخطي منعطفات الماضي بحلوها ومرها بإيجابياتها وإخفاقاتها، وعلى قاعدة أن الوطن لا يمكن أن يستقيم شأنه إلا بالجميع من أجل الجميع دون إقصاء أو استثناء.
يجب أن يحضر صوت العقل في هذا المنعطف الأخطر من حياة اليمنيين، بل يجب أن تستيقظ الضمائر لدى الأحزاب والقوى المجتمعية قاطبةً لتغلب مصلحة شعب بأسره من المهرة إلى صعدة على مصالحها وعلى خصوماتها وعلى خلافاتها، إذ أن الواقع المعيش واللحظة الراهنة تضع الكل أمام محك تاريخي فإما أن نكون دولةً قوية وشعباً يستحق الحياة أو لا نكون.
ليس عيباً أن يكون الفرقاء قد اختلفوا عن هوىً أو تنازعوا عن غيّ أو احتربوا عن جهالة وإنما العيب كل العيب أن يستمر الخلاف والتنازع والاحتراب وتسود الفرقة والنزاعات على حساب الوطن ووحدته وأمنه واستقراره، فالجميع الآن أمام واقع جديد يجب أن يتحمل كل طرف فيه مسؤوليته الوطنية والأخلاقية بمعزل عن مكائد السياسة ومطامعها وثاراتها وبعيداً عن كل ما يمكن أن يساهم في إعادة إنتاج الماضي بأخطائه الكارثية ومسالكه الخرقاء.
الوطن لا يمكن أن يكون شخصاً ولاحزباً ولا جماعةً ولا مذهباً إنما هو نسيج اجتماعي متآلف وفق نظام قوي وعادل يحدد الطريقة المشروعة للوصول إلى السلطة ويرسم خارطة عادلة ومثالية لطبيعة العلاقة بين الحاكم والمحكوم وبين أفراد المجتمع، ولاشك أنها فرصة تاريخية أمام اليمنيين لا يمكن تعويضها لإرساء مداميك هذا النظام الذي- لحسن الحظ أنه - تم التوافق عليه سلفاً عبر ما تضمنته مخرجات الحوار الوطني ولم يتبق سوى أن ترتص الصفوف وتتوحد الإرادات لتطبيقه واقعاً على الأرض.
لا وقت للانتظار والتسويف، ولا وقت للمراهنات الخاسرة على المشاريع الدونية أو بث العراقيل في طريق المشروع الوطني الكبير والجامع لكل اليمنيين، لا وقت للمواقف الانتهازية أو العبثية ولا وقت لاستعراض العضلات أو لاستقواء طرف على طرف، فاليمن قبل كل شيء والتاريخ لن يرحم أي متهاون أو متآمر.