كنت ـ ولا أزال ـ في هذا الحيز أدعو المانحين وفي المقدمة الأشقاء في دول مجلس التعاون الخليجي إلى سرعة وضع آليات فعالة تعمل على انسيابية ما تبقى من الدعم المالي لليمن، وذلك بالشراكة مع الحكومة لتنفيذ مشاريع التنمية الاقتصادية الشاملة للتخفيف من حدة الفقر والبطالة، باعتبار أن ذلك هو المخرج الآمن لليمنيين من أسر التحديات الخطيرة التي تتهدد كيان المجتمع وتشرع الأبواب أمام أصحاب المشاريع الصغيرة لتفتيت الوطن وإثارة الحروب، فضلاً عن طموحات الخارج بالتأثير على قرار الداخل .
ومع الأسف الشديد فإن كل تلك الدعوات الرامية استعجال هذا الدعم لم تلق الاهتمام والاستجابة من المعنيين، بل ظلت الآليات معطلة حتى الآن، ولم تؤتِ ثمار مخرجات مؤتمرات المانحين التي عقدت في الرياض ونيويورك ولندن خلال العامين الماضيين أية نتائج ملموسة على الواقع وبحيث تضاعفت مشاكل اليمنيين الاقتصادية تحديداً وباتت تنذر بكارثة وشيكة .
وبالتأكيد فإن هذا الطرح لا يعفي الحكومة في أهمية تحملها جانباً من مسؤولية تأخير انسيابية هذه الموارد .. وبالتالي إمكانية ترجمة تلك المخرجات للداعمين وعلى نحو إيجابي ، ربما يعود تقصير الحكومة إلى اعتبارات ضعف الأداء داخلها أو لربما نتاج عدم امتلاك الرؤية لماهية هذه المشروعات .. وأخيراً – ربما - بسبب الظرف الأمني الراهن .
وإذا كنا نتهيأ أواخر هذا الشهر لحضور مؤتمر أصدقاء اليمن في نيويورك فإن المسؤولية الوطنية تقتضي وضع آلية جديدة وفاعلة للاستفادة من هذه التمويلات .. وهي مسؤولية لا يمكن أن تتحقق ما لم يتضافر جهد مشترك واصطفاف حقيقي داخل المنظومة السياسية من أجل توفير الظروف الملائمة لإنجاز التسوية الكفيلة بإزالة عوامل التوتر.
ولابأس كذلك الإشارة إلى أن ثمة مسؤولية إضافية إلى الأشقاء والأصدقاء من المانحين في المساهمة بقدر كبير والتعجيل بمساعدة اليمن على مستويين :
الأول يتعلق باستخدام تأثيرها للتوفيق بين الأطراف المعنية بالأزمة، وذلك بهدف التوصل إلى صيغة تسوية لمجمل المشاكل التي انتصبت مؤخراً أمام استكمال الفترة المتبقية من المرحلة الانتقالية وتهدد بذهاب اليمن إلى المجهول .
أما الأمر الثاني المناط بالدول المانحة فزيادة الدعم لليمن والذي سيساهم ـ دون شك ـ في توفير مناخ آمن يحول دون الذهاب الى مجاهل الاحتراب .. وبالتالي انعكاساته السلبية على أمن واستقرار المنطقة وأمن الملاحة الدولية أيضاً .
اللهم إني بلغت .. اللهم فاشهد .