الأسبوع المنصرم كنت في هذا الحيز محقّاً جداً وأنا أشير إلى قدرة المكوّنات السياسية على تجاوز مأزق تشكيل الحكومة الجديدة وإسناد المهمة إلى الأخ رئيس الجمهورية ومعه رئيس مجلس الوزراء المكلّف؛ إذ تحقق ذلك من خلال إعلان التشكيلة الحكومية الجديدة.
ويبدو أن تلك الرهانات على فشل تلك المهمة لم تكن تنطلق من صدقية الموقف وإنما كانت هروباً من الاستحقاق الوطني في هذا السياق، حيث يتضح أن أسهل الطرق إلى الهروب هو إلقاء المسؤولية على الجانب الأضعف في المعادلة السياسية الراهنة الذي أكد نجاحه في تحمل هذه المسؤولية بكل اقتدار.
بمعنى آخر أنه عندما وصلت هذه المكوّنات المعنية بتشكيل الحكومة إلى طريق مسدود فيما يتعلق باقتسام الحصص داخلها؛ ذهبت إلى تطبيق المثل الشعبي المؤكد أنه يمكن تحقيق ذلك من خلال المشاركة في الربح والخروج من الخسارة..!!.
ومع الأسف الشديد فإن هذه القوى لم تكن تراعي في الأساس توخّي تحقيق المصلحة الوطنية لتجاوز هذه العقبة الكأداء بروح مسؤولة وتشاركية، تقتسم المسؤولية وتتحمّل أعباء أي أخطاء على حد سواء، بل فضّلت - عوضاً عن ذلك - إلقاء المسؤولية على الآخرين وحسب.. في واقع الأمر، أعرف تماماً أن حسابات البعض كانت تتربّص بإمكانية العجز عن إنجاز مهمة تشكيل وتسمية الحكومة، بل مـازال البعض يراهن على تعطيل أدائها للانقضاض على الوضع.
ولاتزال الفرصة متاحة أمام المكوّنات المتحفّظة على الحكومة الجديدة من إمكانية الخروج من هذا المأزق الذي يجعلها في معزل عن التوافق الوطني والإجماع الأممي من خلال دعم مسارات وخطوات هذه الحكومة.. والحقيقة كذلك هي أنه لا يستقيم اكتفاء هذه القوى برؤية المسرح ينهار على الجميع دون مبادرة تُذكر؛ إذ أن محاولة تقييد الرئاستين في أداء مهامهما الدستورية هو من عوامل هذا الانهيار.
والقول إن المسؤولية مقتصرة على طرف بعينه دون الآخرين هو قول مغلوط؛ باعتبار أن هذا الطرح يعد سلوكاً انتهازياً يخلو من المبادئ الأساسية والأخلاقية التي هي عماد تعامل الشركاء، فضلاً عن تناقض هذا المسلك مع ثقافة اليمني في استحضار الحلول مهما كانت حدّة الاختلافات.
ويبقى الأمل على أن الإدراك الواقعي والفعلي بالمخاطر والتحدّيات الماثلة أمام إمكانية انزلاق اليمن إلى متاهات خطرة هو بمثابة حبل الإنقاذ الأخير.