في الوقت الذي تتعدّد فيه الاجتهادات التي تصل أحياناً إلى حد التناقضات تجاه دور المؤسسات الثلاث «الرئاسة والحكومة والبرلمان» فإن ثمة من يسعى جاهداً إلى توسيع قاعدة الاختلاف بين هذه الرئاسات لأسباب لم تعد خافية على أحد؛ وذلك في إطار إبقاء الوضع في فراغ وفوضى عارمة.
ولا بأس في هذا السياق من الإشارة إلى تلك الأصوات ومنها محاولات إفراغ الدولة من مضمونها وتعطيل المؤسسات القائمة – بما فيها الرئاسات الثلاث – عن دورها في هذا التوقيت الاستثنائي الذي يعيشه الوطن؛ ومن ثم مواصلة محاولة إبقاء الوضع السائد على ما هو عليه، والدأب على إفراغ العملية السياسية القائمة من مضمونها الحضاري وغيرها من الدوافع والأسباب التي تحاول هذه القوى فرضها وترسيخها في ذاكرة الوعي الجمعي من أجل تحقيق تلك المآرب في السيطرة على كامل منظومة الحكم.
ولا شك أن هذه المحاولات الهادفة إيصال الوضع إلى طريق مسدود إنما تهدف إلى الانقلاب على حالة الإجماع الوطني والإقليمي والدولي المساندة من أجل استكمال العملية السياسية والانتقال إلى بناء الدولة اليمنية الجديدة، وهي محاولات ستبوء - في نهاية المطاف - بالفشل الذريع اعتماداً على حماس اليمنيين في التمسُّك بهذه الخيارات التي لا غنى لهم عنها.
وبالطبع، لست معنياً بتسمية هذه المكوّنات التي تقف وراء هذه العرقلة والطموحات المشروعة في التأسيس للمستقبل، خاصة أنها باتت معروفة ولا تحتاج إلى كثير من النباهة والشرح للتدليل عليها، لكنني أتساءل في قرارة نفسي عن الثمن الذي سيدفعه الوطن واليمنيون جرّاء هذه المخاطر غير محسوبة النتائج..؟!.
وتبدو الحاجة ماسة في هذا الظرف الاستثنائي الذي يمر به الوطن إلى ضرورة تضافر جهود الرئاسات الثلاث ومعها باقي المؤسسات والنُخب الحزبية والفكرية والمكوّنات المجتمعية إلى وقفة جادة أمام هذه المخاطر والتحرُّك السريع لإنجاز ما تبقّى من أدبيات المرحلة الانتقالية والبدء في التسريع بالخطوات التشريعية والتنفيذية لقيام دولة اليمن الاتحادية؛ باعتبار أن تحقيق هذا الخيار هو الأنجع لمجابهة الرهانات الخاسرة ومحاولة تعطيل مؤسسات الدولة وإفراغ تجربة التحوُّل من مضمونها الحضاري.
وأخيراً لابد من التذكير بأهمية إسراع كافة القوى على الساحة في تذليل الصعوبات أمام الحكومة الجديدة لكي تتمكّن من الاضطلاع بمسؤولياتها في هذا الظرف الاستثنائي؛ ومنها مسؤولية إعادة الفاعلية لمؤسستي الدفاع والأمن، وبسط سيادة النظام والقانون، وتحقيق شرط التوافقات الوطنية تجاه مختلف الاستحقاقات باعتبار أن ذلك سوف يسهم في تهيئة الأجواء والمناخات أمام هذه القوى لتحمل مسؤولياتها كاملة دون تنصُّل أو تهرب، وذلك أضعف الإيمان.