يعتبر إبن بطوطة من أشهر الرحالة العرب، بل ومن أشهر الأسماء العالمية في أدب الرحلات، ويرجع السبب في ذلك إلى رحلته الطويلة التي امتدت منذ أن كان في الثانية والعشرين من عمره، إلى أن بلغ من الكبر مقاماً كبيراً، وخلال تلك الفترة الطويلة تجوَّل بين الأندلس، والمغرب العربي الكبير، والمشرق العربي، وصولاً إلى الديار المقدسة في مكة، ثم الهند الكبرى والصين، وخلال هذا الرحلات التي كان أطولها زمناً رحلة الهند ذات السنوات التسع .. خلال تلك المدة، دوَّن ابن بطوطة رحلته الكاملة بعد عودته للمغرب، غير أن التدوين الأكثر تفصيلاً فُقد في السفينة التي تعرضت لهجوم القراصنة والتي كان الرحالة ومدوناتهم عليها، ويعتقد علماء التدوين أن النسخة المفقودة كانت أكثر تفصيلاً وكمالاً، لكونها صادرة عن مشاهدات وتسجيل يومي متواتر، فيما النسخة المعروفة صادرة حصراً عن الذاكرة .. لكنها وبالرغم من ذلك ذات أهمية قصوى في أدب الرحلات المقرون بآفاق مفتوحة نحو دراسات أنتربولوجية ثقافية، تضع بين الاعتبار العوامل الاجتماعية والنفسية والدينية، وكذا الأعراف والعادات والتقاليد التي تمثل بجملتها معياراً للنسيج الثقافي العام في المجتمع في خصوصيته الخاصة.
ينتمي ابن خلدون إلى مدينة طنجة بالمغرب العربي، وقد عُرف أهل المغرب يومئذٍ بشغف خاص في الترحال إلى بلدان المشرق العربي، وخاصة إلى الحجاز حيث الكعبة المشرفة، وقبر الرسول الكريم محمد «صلىالله عليه وسلم».. كما كان حضورهم أُفقياً في قاهرة الأزهر الشريف، وأينما تيَّسرت الإقامة الدينية العلمية، ومن محاسن تلك الأيام أن المُترحِّل لم يكن يفكر إلا في استحقاقات الرحلة وتكاليفها، حيث كانت الزوايا والتكايا تتكفَّل بالبقية، ففي كل ديار الإسلام كانت الزوايا في المساجد، والتكايا المشمولة بالخدمة الشاملة مفتوحة لكل زائر ومقيم، وهو أمر حلَّت محله الفنادق المكلفة في عالمنا المجبول على المال، والمال فحسب.
Omaraziz105@gmail.com