ليست الكاميرا آلة تصوير فحسب، كما قد يتبادر إلى الذهن لأول وهلة، بل إنها صندوق سحري يتفاعل مع كامل الوسط المحيط. إنها بكلمات أُخرى آلة شاملة تتوخّى التصوير لكنها تتمدد بأذرع متعددة مُعانقة كل تفاصيل الطبيعة المرئية من ماء وهواء.. حرارة وبرودة .. جفاف ورطوبة .. عوالق مرئية وأُخرى غير مرئية .. أحوال لونية متنوعة، وأحوال جوية مُتقلّبة .
تمنحنا الطبيعة اليومية مئات وآلاف البدائل المشهدية، وتُرينا كيف يتموسق المشهد مع الزمان والمكان، وكيف تكون منّة الربيع الإلهية منحة لأعيننا وطمأنينة لأفئدتنا، وتجدداً لأيامنا الرمادية.
تقوم اللقطات العابرة بتنويع على جزئية من مباهج الطبيعة، ورونق المشهد.
فليس مهماً الموضوع بذاته، بل الأنساق اللونية والتكوينات، والبعد الثالث، وحالة التماشي الإبداعي مع مُقتضيات التقنية المتاحة، والأهم من هذا وذاك استخدام الكاميرا بوصفها أداة للتعبير لا التوثيق فحسب.
الكاميرا تجعلك تعيد إنتاج المرئي بعدسات تجعل العابر ثابتاً، والمؤقت مستديماً، فأنت فيما تصور توثق، وفيما تلتقط المشهد تغوص في أعماق جمالياته، فترى الطبيعة بعين الدهشة والفرح ، وتجد نفسك في مرابع طمأنينة وأجواء لا تقدر بثمن.
قال الشاعر:
كم تشتكي وتقول إنك مُعدم
والأرض مُلكك والسما والأنجُم
ولك الحقول وزهرها وعبيرها
ونسيمها والبلبل المترنم
والماء حولك فضة رقراقة
والشمس فوقك عسجد يتضرّم
هشت لك الدنيا فما لك واجم
وتبسّمت فعلام لا تتبسم؟!
أنظر فما زالت تطل من الثرى
صور تكاد لحسنها تتكلم
ذلك سر من أسرار الكون، ومنة من منن الخالق، نراها يومياً بعين النظر، ولا نستدرك كنهها بعين البصيرة ، ولعل استخدام الكاميرا كوسيط فيزيائي لأعيننا يساعدنا على تثمين هذه الثروة الكبيرة.
Omaraziz105@gmail.com