قدمت مؤخراً اللجنة المعنية بإنجاز مسـوّدة الدستور الجديد الصيغة النهائية لمشروع الدستور إلى الاخ الرئيس عبدربه منصور هادي الذي أكد بدوره أهمية هذه المسودة بالنسبة لمستقبل بناء اليمن الجديد على أسس العدالة والمساواة والحرية.
ولقد كنت من أشد المنتقدين لبطء عمل هذه اللجنة، خاصة أن أعضاءها ـ كما يبدوـ غير مستوعبين التحدّيات الراهنة ويضيعون أوقاتهم في نقاشات بيزنطية على مواد دستورية لا تحتاج إلى كل ذلك العناء والوقت حتى كاد البلد يحترق بينما السادة أعضاء اللجنة مختلفون على ترتيب مواد الدستور واختصاصات المركز والأقاليم ونقاط اختلاف ونقاش لا تحتاج إلى كل هذا الوقت المهدور، والحمد لله أنهم خيّبوا ظنّي في الذهاب إلى ذلك عندما أعلنوا إنجازهم لمختلف نصوص وبنود مشروع الدستور الجديد وطرحوه في صيغته النهائية أما طاولة الرئاسة لاستكمال المراحل المتبقية من إطار الاستفتاء شعبياً عليه.
إن ورود هـذه الأنباء السارّة لا يعني التغاضي عن انتقاد بطء أعمال هذه اللجنة خلال الفترة المنصرمة، خاصة أن ثمة ظروفاً استثنائية يمرُّ بها الوطن تستدعي تحفيز الهمم لإنجاز تلك المهام الدستورية التي سترتكز عليها مجمل خطوات عملية إعادة ترتيب البيت اليمني من الداخل وتجنيبه مخاطر رهانات البعض في أن تتفتّت الدولة وتفشل التجربة بينما يذهب اليمنيون إلى مجاهل الاحتراب الأهلي .
ومع الاعتراف بأهمية النقاشات والسجالات التي دارت حول مواد ونصوص مشروع هذا الدستور الذي تطلّب كل ذلك الوقت من عمل اللجنة ومداولات أعضائها؛ إلا أن استحضارها للمهام العاجلة أمام تجربة التحوُّل والتحدّيات المنتصبة أمام اليمنيين قد جعل من الجميع يستحضر هذه المهام وإنجازها في الوقت المناسب؛ على أمل ألا تأخذ الإجراءات المتبقية وقتهاً الزمني المحدد، خاصة أن الجميع يعوّل كثيراً على استكمال إنجاز هذه المهمّة وإنزال الدستور للاستفتاء عليه ومن ثم إجراء الانتخابات الرئاسية والنيابية التي تكفل للجميع المشاركة الفاعلة والواسعة ودون احتكار للسلطة.
وتزداد أهمية التعويل على إنجاز هذه المهمّة الوطنية والدستورية بالنظر إلى الآمال بأن تكون الفترة القادمة خلاصاً لليمنيين من حالة اللا توازن التي تعيشها الساحة الوطنية على كافة الصعد وبما يحافظ على مضامين هذه الوثيقة الدستورية التي أقٌرتها .مخرجات مؤتمر الحوار الوطني وبخاصة لجهة قيام الدولة الاتحادية وفقا لمبدأ الأقاليم الستة على أمل أن لا تحاول بعض القوى تفريغ هذه المسودة من مضامينها الوطنية والموضوعية التي يتطلع إليها أبناء الوطن بكبير الأمل وفارغ الصبر.