بات واضحاً أن الحلم اليمني اليوم يتمثل في الخروج من دائرة الصراعات السياسية والأزمات التي أرهقت كاهل اليمنيين، وقللت من مكانتهم إقليمياً ودولياً، وأن لا سبيل إلى تحقيق ذلك الحلم دون التشخيص العلمي لواقع الحال ومسبباته من تراكمات الماضي القريب والبعيد..
إن الظروف الاقتصادية والأمنية التي تعيشها اليمن بفعل الانشغال بالمماحكات والمكايدات السياسية، والحملات الإعلامية المتبادلة، وإشكالات الفساد، وأحداث الإرهاب قد أخذت قدراً كبيراً من الوقت والعناء من حياة اليمنيين حتى صار الكثير يعيش حالة من اليأس والإحباط في إمكانية الخروج من هذا المأزق.. غير أن ما يجب التأكيد عليه أن التعامل الإيجابي مع الحاضر بكل تفاصيله، وإعطاء تلك التفاصيل حجمها في المعالجة والتحليل إلى جانب استنهاض إرادة الفعل التغييري للتخلص من واقع تلك المعاناة هو الكفيل بمنح اليمنيين إمكانية التقاط الفرصة التاريخية للاستفادة من كل تحول تتيحه الظروف، والحالة النضالية التي تستلزم من الجميع تغليب مصلحة الوطن والارتفاع فوق مستوى التحديات، وتجاوز تلك الحالة من الإحباط إلى اتساع دائرة الأمل في مستقبل أفضل.
إن ما تحظى به اليمن وما تمر به من أحداث سواء على المستوى الإعلامي الإقليمي، والدولي.. أو على المستوى السياسي يؤكد ما يمثله هذا البلد والشعب اليمني من أهمية استراتيجية، وحضارية.. وما يمكن أن يلعبه اليمنيون من دور حضاري لمصلحة بلدهم ولمصلحة المحيط الإقليمي والمجتمع الدولي في حالة توجههم نحو العمل والإنتاج، والابتعاد عن المهاترات السياسية والإعلامية، والتفرغ بشكل كامل للعمل المثابر في جبهات محاربة الفساد والإرهاب بيقظة عالية، وبروح وطنية مسئولة سواء من خلال العمل الإعلامي والإرشادي المسئول، أو من خلال تنفيذ استراتيجية أمنية وطنية متكاملة قائمة على الاستفادة من كل الجهود والطاقات التي يختزنها الشعب والوطن.
إن الحلم اليمني في بناء وطن أفضل يتطلب إلى جانب تضافر الجهود إعلاء قيم الاعتزاز بالذات الوطنية، والهوية اليمنية، وعدم الاستسلام لحالة التواكل والاعتماد على الخارج التي ولدتها سنين من التمويل الخارجي للأنشطة القطاعية الاقتصادية، والاجتماعية.. ذلك أن الاعتماد على الذات، والبحث عن الرزق من خلال جهد وطني ومن الأرض اليمنية التي وصفها الله تعالى بقوله (بلدة طيبة ورب غفور) هو ما سوف يمكن اليمنيين من بناء حاضرهم والتوجه إلى المستقبل بثبات، وسيمنح كل يمني الفرصة في أن يرفع رأسه بين الأمم بكل فخر، وتلك هي الكرامة الحقيقية التي تتلاءم مع العمق الحضاري لهذا الشعب اليمني العريق بحضارته، العظيم بصبره، المحترم بأخلاقه وقيمه.
Unis2s@rocketmail.com