مع احترامي الشديد لتلك الآراء التي تقلل من أهمية إغلاق أو تعليق عمل بعض البعثات الدبلوماسية المعتمدة لدى اليمن، فضلاً عن توقف عدد غير قليل من الشركات العاملة في مجال النفط، فإن ثمة حقائق مريرة تنطوي على هذه التطورات، حيث تلقي بأعباء كبيرة على الاقتصاد الوطني الذي يعاني – في الأساس– من ضائقة حقيقية وعلى مختلف المستويات.
وللتذكير -فقط- يكفي أن نعرف أن انسيابية التحويلات المالية من وإلى اليمن التي تعتمد على المساعدات والمعونات والقروض الخارجية سوف تتأثر تلقائياً بهذه الإجراءات وبخاصة على مستوى تمويل الخزينة العامة التي تعتمد في نسبة كبيرة من مـواردها على هـذه الموارد.
وثمة حقائق مريرة أخرى في هذا السياق ترتبط بتوقف أعمال الشركات النفطية في البلاد، كما أن البعض لا يدرك خاصية العلاقات مع دول الجوار الجغرافي التي يتجاوز عدد المغتربين اليمنيين فيها أكثر من أربعة ملايين مغترب يرفدون الاقتصاد الوطني بمليارات الدولارات سنوياً.. ويعيش في كنفهم على الأقل ضعف هذا العدد في الداخل.
إن مجرد التلويح باتخاذ إجراءات تحد من هذا النشاط سوف يغلق نوافذ العيش المتاح أمام هذه الأعداد الكبيرة من اليمنيين، لذلك ينبغي التفكير جدياً في انعكاسات أية خطوة تستهدف الإضرار بهذه العلاقات الثنائية مع الجوار الجغرافي، خاصة وأن هناك اتجاها للإساءة لهذه العلاقات على نحو أو آخر، الأمر الذي سيلحق أفدح الضرر بالاقتصاد الوطني. ومنذ الآن ينبغي التأكيد بأن أياً من الدول التي يعوّل هذا الطرف أو ذاك عليها في أن تكون بديلاً للدور الأخوي للأشقاء في الخليج لايمكنها بأي حال من الأحوال القيام بهذا الدور أو تمثل دور المنقذ مهما كانت مصالحها الاستراتيجية في اليمن، خاصة وأنها تعاني –أساساً – من تحديات اقتصادية، سواء في إطار العقوبات الدولية ضدها أو في محدودية مواردها وبخاصة إثر تدني أسعار النفط. ومن المهم مجدداً أن نفكر ملياً بمخاطر وتبعات أية خطوة أو قرارات تتخذها هذه الأطراف دون التفكير بمترتباتها الخطيرة على مستقبل اليمن الذي لا يمكنه أن يعيش معزولاً عن بيئته الخليجية ومحيطه الدولي مهما كانت المبررات لمثل هذا المنطق الذي يتنافى مع العقل وحقائق التاريخ والجغرافيا.