قدّم الدين الإسلامي نموذجاً تاريخياً عظيماً في تعايش الأنساق الثقافية والمجتمعية، حتى إن الهوية العربية تحوّلت إلى قيمة ثقافية عليا تتجاوز حدود القوم وأساطير آبائهم وأجدادهم، فذهبت العصبية الجاهلية أدراج الرياح غير مأسوف عليها، فيما ظلت الأمة مسيّجة بحكمة الدين الحنيف وتعليمه الأكبر الذي يجعل الناس سواسية كأسنان المشط لا فرق بين هذا وذاك إلا بالتقوى .
هذه المقدمة الكبرى في تاريخ المآثر والاجتراحات العظيمة هي التي صنعت الثقافة العربية، وجعلت العرب أُمة تحضر بقوة الهوية الثقافية الدينية من المحيط إلى الخليج، فيما تجاوزت المعطى الإجرائي لعرب اليوم المُمثلين في الجامعة العربية إلى فضاء يتّسع لعموم آسيا وإفريقيا مما لا يخفى على أي لبيب .
هل يعلم الذين يستهلكون أنفسهم في الأوهام السلالية المشوهة أنهم إنما يشوهون أنفسهم بالذات، فيما يتجنون على قطاعات هامة من أبناء شعوبهم ؟.
لقد آن لبورصة التنسيبات السلالية الموهومة أن تتوقف مرة واحدة وإلى الأبد، لأنها أصبحت تثقل على الدول وتقف حجر عثرة أمام تطورها الطبيعي، في وقت لم يعد فيه مكان للكيانات المتشرنقة في مرابع طمأنينتها الماضوية وتخليها الطوعي عن أسباب قوتها الحقيقية وخاصة سماحة الدين الحنيف وانتماء العروبة لمفهوم ثقافي وإثني أشمل من مرابع بني عبس وذبيان القروية الصغيرة.
Omaraziz105@gmail.com