"لا يجب أن يكون الإيمان مطروحاً أمام الأدلة العقلية" هذا ما يقوله الكاتب الارجنتيني البرتو مانغويل. ما يعني أن البراهين العقلية لا يمكن أن تزيح الدين أو الإيمان. لكن لماذا يراهن رجال الدين على وجود صراع مع العقل، ولماذا نراهن كذلك على وجود هذا الصراع. يضيف الكاتب "الايمان لا يصارع العقل؛ إنه ببساطة يُقحم نفسه بخلق مكان من الفراغ لنفسه. في هذا الفراغ، يمكن لله ان يُدخل الاعتقاد الخفي." مع ذلك استمر رجال الدين يقحمون أنفسهم في كل قضايا الحياة من العقل إلى ابسط المسائل الدنيوية. فهل آن الأوان للفصل في بعض القضايا. في الآونة الأخيرة انتشرت ملصقات في كل مكان تحذر قطاع الصلاة. لا بأس
في ذلك، تحفيز الناس من اجل شعائر دينهم.
لكن هل يتوقف الأمر عند هذا الحد. فمادام هناك عقاب ضد تاركي الصلاة في الآخرة، فلماذا يضع بشر أنفسهم أوصياء لتدبير عقاب دنيوي على هؤلاء. فالقانون او العقاب البشري هو المختص بتنظيم الحياة الدنيوية، أما العقاب الرباني فيختص بأمور الآخرة.
قبل سنوات كان يُفترض تنظيم مسابقة ملكة جمال العالم في نيجيريا، إلا أن المسلمين خرجوا بتظاهرات يحرقون ويدمرون الكنائس ومحلات المسيحيين الكاثوليك وقتلوا وأصابوا حوالي خمسمائة فرد، كانوا يصرخون "الله اكبر ويسقط الجمال". انظروا إلى تلك المفردة هل الاسلام
ضد الجمال.
صحيح انهم يقصدون ملكة جمال العالم، بما انها تنظيم غير محتشم يتنافى مع تعاليمهم. لكن العبارة قاسية، يسقط الجمال. أي أن إسلامنا يتنافى مع قيم الجمال. وهذه واحدة من مشكلات الثقافة الدينية المتأصلة، بأنها هدامة لكل قيمة جمالية، ولا أقصد هنا مسابقة مثل ملكات جمال العالم، لأني لست من محبي هذا النوع من المسابقات، ولست مع المغالاة في تجاوز الاخلاقيات العامة.
فالبعض يغالي في استخدامات ضد دينية حد انه يجعل العامة يتخوفون من القيم الحداثية باعتبارها بالضرورة ستكون مناهضة لقيم المجتمع الاخلاقية. فالحداثية ليست دعوة للانحلال كما يحاول حراس الدين الترويج لها، أو كما يحاول المغالون الترويج لها.
فعندما يظهر شخص في اليمن يتفاخر في رمضان بأنه يفطر زبادي وتونة على صفحته، سأقول أنه مجرد أخرق متصابٍ. وهو في نفس الوقت يسب الرسول والرب لكنه يقدس الحسين لأنه كما يقول جده. أليست ترهات صبيانية، ما الداعي لسب هذا أو ذاك.
في كتاب القزويني "عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات" يقول أن الشيطان طلب من الله أن يكون مجلسه الأسواق، وشرابه كل مسكر، وآذانه المزامير، وقرآنه: الشعر. هذا هو الموروث الديني الذي يناهض القيم الجمالية، الشعر والموسيقى أي المزامير أعتبرها أعمالاً شيطانية. فكيف نعيد بناء هذا الموروث بما لا يتنافى مع قيم الجمال
. بما لا يتدخل في المسائل العقلية والجمالية