< جمهورية الصومال كان يرأسها محمد سياد بري حتى عام 1991م، وتمت الإطاحة به بعد مرور الصومال بالعديد من الأزمات السياسية التي حاول سياد بري التغلب عليها لكنه لم يفلح، وآخر محاولاته إعلانه النهج الإسلامي للحكم، والذي كان بمثابة استمالة للحركات والأحزاب الدينية في جمهورية الصومال.. لكن دون جدوى فقد تفاقمت الأزمة، وأصبحت أكبر من أن يواجهها سياد بري؛ حيث تكالبت عليه العديد من الأحزاب الصومالية، والتي كانت قد خلطت بين الولاءات الحزبية والعشائرية والقبلية والجهوية، فانهار نظام محمد سياد بري، وانهار جيشه، وسقط حكمه في العام 1991م.
< وسقطت الدولة الصومالية لتتحول الصومال إلى أرض يدور الصراع فيها بين القبائل والعشائر المختلفة تحت مسميات حزبية مثل: «الجبهة الصومالية الديمقراطية» التي أسسها العقيد عبدالله يوسف أحمد، وقد رأس الحكومة الفيدرالية على أساس عشائري.
ـ الحركة الوطنية الصومالية انفصلت بالصومال البريطاني وتسمّت بجمهورية أرض الصومال في الشمال، كما انفصلت جماعات في الشمال الشرقي بما سمي «أرض البونت»، وفي عام 2002م انفصلت الصومال الجنوبية، وتم إقامة حكم ذاتي، وكل هذه تكونت استجابة لنزعات حزبية عشائرية قبلية؛ لتمزق الصومال إلى نتف ليبقى الصراع في بقية الصومال، والعاصمة مقديشو بين العديد من الحركات الحزبية القائمة على أساس قبلي وعشائري، ومن أبرز قادة الصراع كان محمد فارح عيديد، حتى تولت الأمور ما سمي بالمحاكم الإسلامية، والتي نشأت إلى جانبها العديد من الحركات التي قامت على أساس ديني ليشتد الصراع فيما بينها جميعاً، ومازال حتى اليوم، والمشكلة أن هذه الجماعات كانت تتوالد منها حركات دينية جديدة.
المهم أن حالة الصومال في أسوأ أحوالها؛ فالرئيس الحالي لا يحتكم سوى على القصر الرئاسي في العاصمة مقديشو، وهو رئيس إحدى الحركات الدينية، ويلاقي معارضة شديدة ومسلحة من حركة إسلامية أخرى تسمى حركة «الشباب الإسلامي»، وكل التدخلات فشلت في إعادة الدولة إلى الصومال بقدر ما غذتها.
< في اليمن نحن أيضاً قبائل وأحزاب وحركات دينية، والجميع يحلمون بالحكم ولو حتى في حدود محافظة أو قبيلة أو إقليم، وهناك من يغذي ويدعم ويساند، والحركات الدينية رغم أن الإسلام واحد إلا أنها تعددت: إخوان، سلفيين، سنة، أيضاً الشريعة، أنصار الله، الدعوة، القاعدة، ومع أنهم جميعاً ينتسبون إلى الإسلام لكنهم جميعاً ضد بعض، وضد الأحزاب الأخرى.
انظروا هذه «المخضرية» إنها مخيفة ومرعبة، كلهم يريدون الحكم ولو على حساب وحدة اليمن، فهناك من يسعى للاستيلاء على محافظة وينفرد بها ليعلنها إمارة إسلامية، وهكذا جميعهم، لكنهم لا يجرؤون البوح بذلك، وفي حالة عدم نجاح الحوار نخاف «الصوملة».