هانحن نحتفل بمرور عامين على توقيع المبادرة الخليجية في 23 نوفمبر 2011. وها هي بوادر المرحلة القادمة بدأت تتشكل ببطء. وفي الوقت ذاته تتصارع الكثير من الأحزاب السياسية لتُفَصِّل هذه المرحلة على مقاساتها حتى تستطيع ان تسيطر وتملي إرادتها على المستقبل كما فعلت في الماضي. التفاصيل هي التي تجعل من الجميع يختلف وذلك لأنهم غير متفقين أصلاً بالنسبة للأهداف العامة. فالمشكلة ان الكثير من الأحزاب التقليدية غير مقتنعة ان التغيير قد حدث فعلاً وان مستقبل اليمن يجب ان يرسمه الجميع من خلال شراكة متكافئة ومواطنة متساوية. أحد أهم نقاط الخلاف هي شكل وطريقة تكوين الحكومة القادمة. هناك وجهتا نظر في هذه القضية، الأولى تشدّد على تشكيل الحكومة وفقاً للنسب التي تأتي نتيجة انتخابات تعقد خلال الأشهر القريبة القادمة بعد الاستفتاء على الدستور. أما وجهة النظر الأخرى فهي تتحدث عن إجراءات ميدانية تساعد في تهيئة الوضع في كل ارجاء الوطن حتى قبل الاستفتاء على الدستور من أجل تشجيع الشعب للقبول بالدستور الجديد ومن ثم المشاركة في الانتخابات بقوة. تهيئة الوضع يشمل إعادة توزيع السلطة والثروة من اجل ان تكون الانتخابات القادمة فيها مشاركة حقيقية ولا يستأثر بها طرف سياسي سخر في مصلحته الممتلكات والأموال العامة أو آخر استخدم الخطاب الديني او القبلي من أجل تعبئة الرأي العام للوصول إلى مكاسب سياسية. تهيئة الوضع له بُعد آخر وهو عمل مشاريع تنموية في كافة انحاء الجمهورية خاصة في المحافظات الجنوبية وإعادة المظالم والحقوق لأصحابها من اجل إعادة بناء الثقة في اليمن الاتحادي والمشاركة في صناعته. وبالتالي لابد من وجود جهة تنفيذية مسئولة وقوية تقوم بهذه التهيئة. تجربتنا من الحكومة الحالية تدل على أن حكومات الوفاق السياسية فاشلة بكل معنى الكلمة. الشعب يتضوّر جوعاً ويتهدد أمنه واستقراره والوزراء يتصارعون فيما بينهم من اجل تسجيل نقاط على بعضهم وتحقيق مكاسب سياسية. لذا يجب ان تكون هناك حكومة جادة مهنية تبدأ بوضع قواعد البنية التحتية لليمن الجديد بطريقة تضمن المواطنة المتساوية وان تكون مصلحة المواطن هي الأهم بدلاً من مصلحة المسئول. من المهم جداً ان ندفع بالإتجاه الثاني لأنه يحمي اليمن من مأزق خطير وهو رفض الدستور وإعادة اليمن الى المربع الأول وهو مربع العنف والاستحواذ على السلطة. وذلك لأن أكثر الناس قد فقدوا ثقتهم في السياسيين والعملية الانتقالية برمتها وبالتالي لن يوافقوا على المخرجات التي يأتي بها مؤتمر الحوار هذا إذا لم يقفوا ضدها.
رد فعل الشعب ليس مبنياً على مكنون مخرجات الحوار فهو لم يدرسها بجدية سواء لأنه لا يعرفها او بسبب رفضه حتى قراءتها لأن لديه موقفاً ضد القائمين عليها بشكل عام.
وبالتالي علينا واجب وطني وأخلاقي وحتى ديني تجاه اليمن يحتم علينا ان نصل إلى نتائج حقيقية وملموسة وأن لا يذهب كل ما بذلناه خلال عامين وأكثر سدى.
الشعب يريد حكومة تحترمه وتدرك ان مسئوليتها الأولى والأخيرة هي تجاهه وليس تجاه أحزاب سياسية أو قوى قبلية أو دينية. الشعب يريد ان يرتاح بعد كل المعاناة والانتظار الطويل.
رابط المقال على الفيس بوك