يعتقد الناس بأن الإشارات المختلفة تنتقل عبر الحواس الفيزيائية، ولهم في ذلك كل العذر فنحن نسمع بواسطة الأذن ونرى بالعين ونلمس بالأطراف ونتذوق الأشياء بالفم واللسان، لكن العلم أثبت أن هذه الوسائط لا تتحرك بمفردها بل بإشارات صادرة عن الدماغ حيث المستودع الأكبر للذاكرة والحركات و الإحساسات، وتبدو المعادلة الحقيقية على نحو معاكس تماماً لما نعرف ونألف، فالعين لا ترى الصورة مباشرة بل تراها بعد أن تصل تلك الصورة إلى مركز البصر في الدماغ فيترجمها ويرسلها إلى شبكية العين؛كيما ترتسم صورة واضحة الملامح، ويسري ذات الحال على بقية الحواس حيث يشكل الدماغ البشري المستودع ومحرك البحث الأكبر لترجمة الإشارات المختلفة وإرسالها بطريقة عاكسة إلى الحواس المختلفة.
والدماغ بدوره ليس واحداً ووحيداً، بل إنه يتبادل الأدوار مع الدماغ الأصغر أو الذي ترجم عربياً إلى كلمة «المخيخ» أو «المخ الأصغر»، وهذا الدماغ الصغير جداً قياساً بالدماغ الكبير يقوم بأدوار خارقة للعادة، وهو يتكون من نسيج ومواد مغايرة تماماً لمواد الدماغ الاعتيادي. والدماغ الأصغر مسؤول عن الحركات الانعكاسية غير الإرادية، أي تلك الحركات التي يقوم بها الإنسان كرد فعل إزاء خطر مداهم أو حالة غير متوقعة، كما يحدث أثناء الغرق في البحر أو التعرض لهزة أرضية أو حتى مجابهة خطر حادث مروري مفاجئ.
الذي يحدث في مثل هذه الحالات أن الدماغ الأصغر ينظّم رد الفعل غير الإرادي وغير المحكوم بوعي مسبق بما سيحدث، وفي كثير من الحالات ينجح الإنسان في إدراك الخطر وتلافيه في أقل من ومضة؛ مما يؤشر إلى ماهية الدماغ الأصغر وأهميته المركزية في حياة الإنسان الماورائية.