التجربة الصينية الماثلة تثبت لنا أيضاً ما ذهبنا إليه في مقالة الأمس، فالصين لا تنمو فحسب، بل تكبح فرط النمو احتساباً للتوازن الاقتصادي الدولي، وفي أساس جغرافيتها الطبيعية التي تصل إلى 7 ملايين كيلومتر مربع تحتضن ربع سكان العالم، وتفيض بالخيرات الزراعية والصناعية على العالم الكبير، لكنها إلى هذا وذاك تتطلَّع إلى عمل متقدّم على خط تكنولوجيا «النانو» المستقبلية، فيما تقوم بتشييد أكبر بنية تحتية شهدها العالم إلى يومنا هذا، في تأكيد متجدّد عن معنى الإرادة والعمل الجاد ومواكبة مستجدات العلم.
يستقيم النموذج التنموي الصيني على رهان مركزي واضح، ومحتوى هذا الرهان الإنسان المجرد، وتكنولوجيا المعلومات، ومناجزة الجديد، حتى إن بعض المراقبين يزعمون أن الصين تتفرّد ببرنامج فضائي غير مُعلن، وأنها تخطّط لغزو القمر بالعلم، وأنها قد تصل في المدى المنظور إلى استثمار سلسلة من مصادر التعدين القمري، والطاقة الشمسية، منخرطة في ماراثون المستقبل مع الولايات المتحدة وروسيا واليابان وأوروبا.
والمعروف تاريخياً أن الولايات المتحدة تميّزت ببرامجها الفضائية الطموحة، لكنها اليوم تعترف أن التنّين الصيني قادم بقوة دفع لا مردّ لها، وإذا أضيف إلى ذلك التعاون التقني الكبير القائم بين الصين وروسيا؛ عندها يمكننا إدراك معنى التحدّي المستقبلي في العالم المعاصر.
تلك الحقائق التي تمرأت في اليابان والإمارات والصين تأكيد متجدّد عن معنى الخيار والاختيار، في زمن لم يعد يحتمل التأجيل والتسويف والتبرير.
Omaraziz105@gmail.com