فلسفة تغليب الحوار والعقلانية
استكمالاً لتناولة الأمس في هذا الحيّز، أشير كذلك إلى بعض صفات التميّز في شخصية الرئيس عبدربه منصور هادي خاصة وهـو يتعامل مع ظرف استثنائي يمر به الوطن والتجربة وبصوت جهوري لا يقبل التردد أو المجاملة وإنما يكرس لغة الصراحة والمكاشفة.
و في الإطـار الوطني يمكن التـوقف عند حكـمة وشجاعة الرئيـس هادي وهـو يتعاطى مع مستجدات الداخـل بمسئولية واقتدار وتحديداً تجاه نـزوع بعـض أطراف التسوية الاحتكام إلى لغة السلاح لفرض قناعاتها، فضلاً عن مكاشفة الرئيس هادي لهذه القوى بخطأ حسابات ما تقترفه تجاه أبناء جلدتها والإضرار بمصالح الوطن واستقراره وأمنه.
لقد تجلت هذه الحكمة أيضاً في جدية وصدقية التعامل الإيجابي مع مخرجات مؤتمر الحوار، حيث وجدنا الرئيس هادي واضحـاً دوماً في إعلاء قيم الحوار والتوافق الوطني الذي لا يقـلل مطلقاً من المواقف المبدئية الثابتة والشجاعة في تسمية الأشياء بمسمياتها.. وأشير هنا تحديداً إلى تأكيداته الواضحة التي لا لبس فيها وهو يومئ إلى مكامن القصور والسلبية والخطر فيما يعتمل في بعض المناطق من اقتتال لن يستفيد منه أحد، فضلاً عن تلك التأكيدات الرئاسية التي تُوجب على الحوثيين الالتزام بمقتضيات التوافقات لإيقاف التدهور الأمني في عمران وغيرها من مناطق التوتر.. وهو الأمر الذي يعني - بالضرورة - تعاطي الحركة الحوثية ايجابياً مع استحقاقات هذه التسوية بمسؤولية وطنية و عدم تجاوز الخطوط الحمراء، سـواء بضرورة عدم الاحتكام إلى قوة السلاح لحسم خلافاتهم مع الآخر أو فيما يتعلق بضرورة الوفاء باستحقاقات التوافق الوطني على مخرجات التسوية السلمية الشاملة لليمن الجديد.
***
ومما يدعو إلى تثمين أدوار الرئيس هادي قدرتهِ في امتصاص حدة الأزمات الواحدة تلو الأخرى وكسب ثقة الداخل والخارج على حد سواء، ويكفينا متابعة المواقف الرئاسية الشجاعة التي لا تقبل اللبس إزاء بعض القوى الإقليمية التي تحاول التدخل في الشأن اليمني وتعمل على تأجيج الصراعات المذهبية بين مكونات المجتمع ، مثلما هي الحالة الإيرانية التي أثبتت الوقائع تورّطها بتمويل شحنات الأسلحة التي تم ضبطها عدة مرات قبالة الشواطئ اليمنية، فضلاً عن تدخلها السافر في دعم بعض التيارات السياسية المسلّحة داخل الساحة الوطنية.. وهــو الأمر الذي يتعارض كلياً مع مبـدأ الاحترام المتبادل بين الدول وثوابت العلاقات الأخوية وحسن الجوار، بل ويسيء إلى القواسم المشتركة بين الشعبين اليمني والإيراني.
والخلاصة فإن مجمل تلك المواقف التي اتسمت بالحكمة والشجاعة - في آنٍ واحد - قد تركت ارتياحاً شعبياً واسعاً واصطفافاً عالمياً غير مسبوق لقيادة الرئيس هادي وهو يخوض غمار تجربة لا يُستهان بها ومثالاً يُحتذى على صعيد دول المنطقة في ترسيخ قيم الحوار ونبذ مظاهر الانفلات ومكافحة الإرهاب.. وبصورة تكاد تجعله طابعاً استثنائياً خاصاً باليمن.
غداً حلقة أخيرة.