التجوال في مدن الفضيلة يمتد بنا إلى فضاءات ثقافية فنية وعرفانية تتصل بالخيار والاختيار، فالمدينة الفاضلة مدينة المدن الثقافية، وحاضرة مزدهرة، ومكان يتسامى بعبقرية التاريخ والجغرافيا، وحالة رؤية تتلمّس طريق النماء المتوازن المزدهر، عطفاً على إرادة الفعل والمتابعة والعناية التي يتسم بها سكانها ممن جمعتهم الهوية الثقافية الواحدة، والهاجس الدائم نحو المستقبل، والأحلام الألفية الرائعة .
تلك الإشارات العابرات كالسحب المسافرات لاتغني عن قراءة واستقراء المشهد الماثل لمدينة تشرق بأنوار البهاء، وتلتحف جماليات الأسماء، وتتمرأى في جواهر الفضاء، وتتسامق مع مآذن الضياء.
تلك هي المدينة الفاضلة التي أرادها افلاطون ذات يوم من أزمنة الدهر.. إنها المدينة التي غالبت تداعيات الأيام وتقلبات الأحوال ففاضت بالإبداع والأحلام، وسافرت بعيداً في دهور التحول الجميل، وقدمت للبشرية بعضاً من جماليات النسيم العليل.
المدينة الاستثناء لا علاقة لها بالفقر والجوع والمرض، وهي في محصلتها ترميز مكثف لحالة الجال والجلال، والتمتع بأنواع الخصال، وتلك حالة عرفها البشر قديماً وعرفناها في اليمن يوم أن كانت الدولة الصليحية بقيادة الحاكمة الرشيدة «أروى بنت أحمد» مثالاً للازدهار والتعايش والثراء .
المدينة الفاضلة لاتتأبّى على الأحلام، تنبثق من ركام الضلالات والأوهام، وهذا ليس بعيداً إذا توافرت الإرادة والسلام .
Omaraziz105@gmail.com