الشفافية ومحاربة الفساد وجهان لعملة واحدة، فبدون الشفافية يصعب مكافحة الفساد، وبدون النقاء والصفاء يصعب تحقيق الشفافية. ونحن في الوطن بحاجة ملحة إلى تفعيل هذين المستويين في العمل، والتجارب الإنسانية تعلمنا كيف أن ضرب المثل من خلال الذات الملتزمة يمثل قمة الممارسة الحكيمة، وكيف أن محاسبة الرموز الناتئة في الفساد درس بليغ للآخرين.
اقترح على كل وزير من وزراء الحكومة الجديدة أن يفتح دفتراً شخصياً، وأن يُسجل فيه ما له وما عليه من أموال، وأنا شخصياً أفعل ذلك لإراحة ضميري، فدفتري اليومي أُسجل فيه كل دخل استلمه من هذه الجهة أو تلك، وأُسجل فيه كل ما أصرفه يومياً، وأساعد أبنائي وبناتي على تثبيت أقدامهم في العلم والمعرفة والمهارات العملية قبل كل شيء، ولا أحتفظ لنفسي بشروى نقير من عوابر الدنيا الفانية، ليقيني بأن المعرفة والتربية أفضل استثمار للذات والوطن.
أتصور أن على رموزنا الوطنية في هذه المرحلة تحقيق هذا النمط من مُحاسبة الذات، بتقديم براءة ذمة مالية ذاتية لأنفسهم, وأنا على يقين بأنهم يستحقون هذه المثابة العظيمة، وأنهم قادرون عليها.. حينها سيشعرون براحة الضمير، وسيقدمون المثل الأعلى في نظافة اليد والجيب.
من الضرورات المُلحة أيضاً محاسبة اللصوص الاعتياديين الأكثر تورماً، لأن محاسبتهم ستقدم مثلاً كبيراً للغالبية المارقة، ممن انخرطوا في مسلسل الفساد. ومثل هذه التدابير لا تلغي بالطبع شرعنة قوانين مكافحة الفساد، والحرص على تفعيلها، من خلال اللوائح التنفيذية واضحة المعالم، والمحاكم المختصة، ووضع أنبل وأشرف الكوادر على رعايتها والحرص على تطبيقها.
قد تبدو البداية صعبة عسيرة، لكن تقديم المثل عبر الذات النظيفة أسهل درب لتحقيق ما هو أكبر من ذلك، فالجبر بالقانون أتٍ لاريب فيه ، وأن من يتوهَّم غير ذلك خاسر دون أدنى شك.
Omaraziz105@gmail.com