أتمنى علـى الأخ الرئيس عبدربه منصور هادي ومعه القوى والمكونات السياسية التقاط المبادرة التي تضمنتها كلمة الأخ يحيى علي الراعي، رئيس مجلس النواب خـلال إحدى جلسات البرلمان، خاصة وأن هذه المبـادرة تتعـلّق بضرورة عقد لقاء موسّع بين مختلف المكونات السياسية والحزبية من أجل التصالح وطي صفحة الماضي وتناسي الخلافات والتأسيس لمرحلة جديدة قوامها الشراكة.
وأعتقد أن هذه الدعوة الكريمة التي تقدّم بها الأخ يحيى الراعي لن تمر مروراً عابراً ، خاصة وأنها تأتي في ظـرف دقيق واستثنائي يمرّ به الوطن والتجربة على حد سواء وتحديداً لجهة التداعيات المؤسفة التي أحدثت شرخاً واضحاً سواءً داخل المؤتمر الشعبي العام أو في بعض التحفظات التي أبداها البعض حول عدد من القضايا، حيث سيكون من شأن الاستجابة لدعوة رئيس مجلس النواب تجاوز هذه التباينات القائمة والعمل بروح الفريق الواحد من أجل بناء الوطن.. ومن نافلة القول إن انعقاد مثل هذا اللقاء الذي من المفترض أن تحظره مختلف المكونات سوف يكون بمثابة إنجاز إضافي على درب تذليل الصعوبات والتحديات القائمة وعلى وجه الخصوص تلك المرتبطة بأداء الحكومة الجديدة، فضلاً عن ترطيب الأجـواء بيـن الأفرقاء وإزالة اللبس الذي طرأ على مواقف بعض هذه القوى إثر صدور قرار مجلس الأمن الدولي الخاص باتخـاذ العقوبات ضد الرئيس السابق، علي عبدالله صالح وبعض قيادات الحوثيين.
وعطفاً على ذلك أجزم كذلك أن قيادات الأحزاب والمعنيين بهذه الدعوة يدركون تماماً حجم المخاطر المُحدقة بتجربة التحوّل السياسي والتي تتهدّد الوطن والمواطن في أمنه واستقراره وتطوّره.. وبالتالي فإن هذه القيادات لن تألوَ جهداً في الاستجابة لمثل هذه الدعوة وبما يساعد على تهيئة الأرضية أمام إنجاز ما تبقى من مهام الفترة الانتقالية والتأسيس لمرحلة الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بعد إقرار مشروع الدستور الجديد.
ولا يفوتني هنا التذكير بأنه لم يعد جديداً القول بحجم المعاناة التي يعيشها أبناء الوطن اليمني جرّاء حالة عدم الاستقرار واستفحال مظاهر التسيّب واللا مسؤولية وارتفاع سقف الاختلافات بين المكونات السياسية والحزبية وشيوع خطاب إعلامي حاد يتغذّى على الأجواء المسمومة بين هذه المكونات وحالة الخطاب الكيدي والإقصائي الذي يتحكّم في المزاج العام لعدد غير قليل من النخب السياسية ومن منطلق هذه المعرفة الواعية التي أبداها الأخ الراعي بحجم هذه المخاطر فإن الأمل المعقود على هذه النخب تجاوز التموضع في خنادق الخصومة إلى فضاء التسامح والعمل سوياً من أجل بناء الوطن الذي لا غنى لأحد عنه مهما استبدّضت بالبعض منا حماقة اللحظة.