مـع تـأزيم الموقف سياسياً وأمنياً واختلاط أوراق اللاعبين داخل مسرح العملية السياسية الراهنة ثمة تساؤل يستحضره الجميع عن مسؤولية النخب المجتمعية والحزبية في تقرير مصير الوطن..!
والتساؤل بطبيعة الحال يولد تساؤلات أخرى عن طبيعـة المستقبل جـراء سيادة العبثية التي تديرها الأطراف السياسية.. وأثر ذلك على واقع البشر والجغرافيا على امتداد الأرض اليمنية.
منذ أزمة 2011م التي عاشها الوطن بكل تراجيدياتها وطموحاتها كانت الآمال تتمحور فيما إذا كنا قادرين على الخلاص من أسر فترة ذهبت بكل إيجابياتها وسلبياتها، وفيما إذا كنا قادرين على تجاوزها والبدء في صياغة عقد اجتماعي جديد يؤسس لإعادة بناء الدولة اليمنية الحديثة والمتطورة.
ومع الأسف الشديد فإن مجمل تلك التساؤلات سوف تذهب أدراج الرياح بالنظر إلى المحاولات الدؤوبـة لإعادة إنتاج الماضي بصور مختلفة، فضلاً عن تشكل قوى جديدة على المسرح تطالب هي الأخرى بحصتها من الكعكة التي باتت ـ في واقع الأمر ـ تخلو من السعرات الحرارية، ما لم تتضافر جهود الجميع لمحاصرة تداعيات الراهن وصياغة المستقبل.
وبدلاً من المضي في إنجاز مهام المرحلة بكل تطلعاتها ذهبنا في سجلات عقيمة أوصلت الأوضاع إلى ما هي عليه راهناً وعلى نحو يدعو إلى الاستياء والأسف, خاصة بعـد غيـاب الإرادة السياسية لدى بعض القوى المجتمعية في ترجمة مضامين مخرجات الحوار الوطني.. وهي التداعيات التي قادت إلى الانقلاب ـ عملياً ـ على هذه التسوية التاريخية السياسية.
ومن المحزن حقاً أن تعود هذه السجلات إلى نقطة الصفر، وكأن محصلة الحوارات المعمقة والتأييد الإقليمي والدولي للتجربة التي لايزال يقال عنها بأنها أنموذجية بالنسبة إلى دول ثورات الدول العربي قد وصلت إلى طريق مسدود أو أنها باتت مجرد شعارات خالية من مضامينها الحقيقة في التأسيس لهذا الانتقال الحضاري.
وبناءً على هذه النظرة التشاؤمية لابد من تذكير القوى السياسية على الساحة الوطنية بمسؤوليتها تجاه مجمل الاستحقاقات الوطنية بمعزل عن موقفها وموقعها وموروثها الفكري، حيث لا يمكن التغاضي عن أية أخطاء إضافية ترتكبها هذه القوى في حق المجتمع أو تحييد مسيرته في اتجاه تحقيق الحلم الذي طالما تطلع إليه أبناء الوطن اليمني بكل ما يحدوهم من أمل وتفاؤل، خاصة وأن استحقاقات المستقبل باتت أمانة على عاتق هذه النخب ينبغي أن تؤديها بكل مسؤولية واقتدار.