لا يحتاج المرء إلى كثير علم ليدرك أن رئيس الجمهورية المشير عبدربه منصور هادي من البشر الذين يخطئون باستمرار, لكن المرء يحتاج إلى كثير علم وكبير جهد ليدرك ما يفسّر به أخطاء الرئيس هادي خلال فترة قيادته للمرحلة الانتقالية وإدارته للدولة وسلطة الحكم؛ لأن المرحلة بكل تعقيداتها تتطلّب لإدراكها جهداً كبيراً على رصيد معرفي واسع وعقل حكيم.
يتعرّض الرئيس هادي لحملة إعلامية متعدّدة الجهات والجبهات, لا تتورّع عن اتهامه بكل ما تسوّل لها نفسها الأمّارة بالسوء من تهم كثيرة وخطيرة, بل إن كثيراً من هذه الجهات لا تقف عند حدود الاتهام؛ بل تتجاوزه بقدر كبير من البلاهة والاستخفاف إلى إصدار الأحكام في تلك الاتهامات باعتبارها حقائق ثابتة بلا شك أو ارتياب.
ربما تكشف هذه الحملات القريبة من كونها حرباً سياسية ضد رئيس الجمهورية, عن أبرز وأعظم إيجابيات الرئيس هادي والمتمثّلة في حرصه على حرية التعبير وصبره على سفاهات الإعلام السياسي وبذاءة صنّاعه, ونظافة سجلّه من أي عدوان على الحريات أو انتهاك لحقوق التعبير والنشر في السنوات الماضية, حتى إن واقعة إغلاق فضائية «اليمن اليوم» تمثّل صراعاً بين قيادات حزب المؤتمر الشعبي العام.
غير أن ذلك لا يكفي لبيان ما يقود إليه التحامل على الرئيس هادي انطلاقاً من اعتبارات سياسية تنظر إلى مواقف وسياسة الرئيس من زاوية حساباتها الضيّقة لصراعاتها مع خصومها في الساحة الوطنية داخل السلطة وخارجها, وحين تتحد هذه القوى المتصارعة في هجومها الشرس على الرئيس هادي, يتضح للمتابع وللرأي العام أن الرئيس يقف من الجميع على مسافة واحدة بحيث أثار غضبها عليه لتجنّبه الانحياز إلى واحدة منها ضد أخرى, وهي محمدة له بكل المقاييس.
ولأنني لست في موقف الدفاع عن الرئيس هادي, فإن المستائين منه والغاضبين عليه لا يرون دورهم في صناعة التعقيدات التي نجحت حتى الآن في عرقلة العملية السياسية وإعاقة تقدُّمها المنشود لخير اليمن ومصلحة شعبها في الحاضر والمستقبل.
ومما أنا على يقين منه هو أن جميع القوى السياسية وتحديداً تلك التي تخوض صراعاتها الخاصة نأت بنفسها عن تقديم أي عون متاح لها لجهود الرئيس هادي في الانتقال الآمن بالوطن إلى مستقبل واعد بالرخاء والاستقرار.
وأكثر من هذا هو أن هذه القوى وفي سياق حساباتها لمصالحها الخاصة؛ عملت ما في مقدورها عمله من أجل وقف عملية التغيير المنشود جماهيرياً, من خلال إصرارها على أن تقتصر حركة التغيير في المجال الحيوي لخصومها فقط, ودون أن يشملها التغيير أو يشمل جزءاً من مصالحها المتحقّقة بالفساد والإفساد, أو يتحقّق بهذا التغيير مصالح قوى وفئات كانت ضحيّة الاستحواذ والاستفراد بالسُلطة والاستئثار بالنفوذ والثروة, ولهذا يجب الدفاع عن الرئيس.