ما تباهى به المبعوث الأممي إلى اليمن ،جمال بن عمر من نجاح وإنجاز تحقق في التسوية السياسية للأزمة اليمنية وعملية نقل السلطة سلمياً, تبخر في لحظة, بل وتحول بلمح البصر إلى واقع مأساوي مجسد بانقسام السلطة في الدولة اليمنية .
كان جمال بن عمر, يتفاخر بما تحقق لليمنيين تحت رعايته, وبدعم وإسناد كاملين من المجتمع الدولي ومن مجلس الأمن تحديدًا, ولم يتردد لحظة في وصف ما تحقق من فشل ذريع للمرحلة الانتقالية ولمؤتمر الحوار الوطني مستهل العام 2014م بالمعجزة التاريخية والأنموذج اليمني الفريد القابل للتعميم في بقية الأقطار العربية المنكوبة بما عُرف إعلامياً بـ «الربيع العربي».
لم يتواضع بن عمر, في مدح المعجزة وتمجيداً نموذجها الخارج من رحم رعايته كمبعوث ليس فقط للمؤسسة الأممية, بل وللعناية الإلهية التي مكنته من تجنيب اليمن ويلات الاقتتال الأهلي وكوارث التدمير الذاتي المشهودة في بلدان عربية أخرى, كسوريا والعراق وليبيا ،أقول لم يتواضع بن عمر في المدح والتمجيد ليقف بإمكانية تعميم الأنموذج اليمني عند الوطن العربي, بل شطح به الغرور نحو تعميم هذا الانجاز المعجزة والأنموذج المثالي عالمياً.
اليوم يقف جمال بن عمر على ركام الفشل ونتائج العجز المتحقق تحت رعايته على الأرض اليمنية وفي مجالها السياسي, دون أن يحمر وجه خجلاً من سقوط غروره بالأنموذج اليمني، وانكشاف خداعه فيما زعمه من نجاح معجز, وأنموذج مبهر, حيث اليمن بعد ثلاث سنوات من رعاية بن عمر مهدد جدياً في وجوده ومصيره، تتهدده أخطار الاحتراب ونذر التشظي والانهيار.
قد لا يكون بن عمر مسؤولاً بنفسه وبدوره عن انهيار ما عمل جاهداً على إنجازه في المرحلة الانتقالية ومؤتمر الحوار الوطني الشامل, فمن الممكن ببساطة أن يقول إن القوى السياسية اليمنية هي المسئولة عن التفريط بالإنجاز والمكاسب, والتخلي عن التزاماتها بتنفيذ مخرجات الحوار الوطني الشامل, ولكن بن عمر كرس مسئوليته أولاً بمزاعم النجاح وثانياً بتمجيد ذلك, فتحمل المسئولية بفشل تمثل في عجزه عن صياغة الإطار المرجعي المتوافق عليه لما بعد المرحلة الانتقالية من مهام وأعمال.
أما وقد خابت معجزته وانهار نموذجه, فإن المسئولية الأدبية والأخلاقية قبل المسئولية السياسية والقانونية تفرض عليه الاعتراف بفشله والاعتذار لضحايا هذا الفشل ،ومغادرة المشهد اليمني استجابة لواقع الفشل ووقائع الخيبة والخداع والادعاء الكاذب بالمجد الزائف.
albadeel.c@gmail.com