ذكرت خطة الاستجابة الإنسانية لليمن لعام 2014م, أن 14.7 مليون يمني يحتاجون إلى المساعدة الإنسانية, وهذا العدد الهائل من السكان يستدعي مساءلة المسئولية الأخلاقية والإنسانية, قبل السياسية والإدارية للسلطة والقيادات اليمنية.
وحين يكون ثلثا سكان اليمن بحاجة إلى مساعدات إنسانية, هي مساعدات غذائية وصحية ومأوى ورعاية نفسية واجتماعية، فإن الوضع الحياتي العام في اليمن, يشير إلى أن الحياة في خطر, والمعيشة في مستوى يستدعي الإنسانية إلى الإشفاق باليمنيين والنظر إليهم بعين الرحمة ويد العطف والإحسان.
هذه الحياة المثيرة للشفقة والإحسان لم تفرضها كوارث طبيعية ولم تنتج عن أوبئة, ولم تتسبب بها حروب عدوانية للأعداء, بل هي نتائج الصراعات السياسية التي لم تكتفِ بحروبها المستمرة بين الإخوة الأعداء, بل وسعت دائرة حروبها لتشمل الأمن والاستقرار, والتنمية والاستثمار.
لم تكتفِ سلطات الحكم السابقة والقيادات السياسية بتدمير المنشآت وتخريب البنى التحتية القائمة, فوسعت دائرة حربها لتشمل المستقبل أيضاً, حين عطلت حركة البناء وأوقفت عجلة التخطيط التنموي في مجالات التعليم والصحة والبنى التحتية والمتطلبات الخدمية.
تقول الأرقام إن 2.5 مليون طفل يمني خارج المدارس, وإن نسبة التسرب من المدارس اليمنية تتجاوز 20 % ومعنى ذلك أن أرقام البطالة المعلنة الآن موعودة بالزيادة كل عام, وأن المستقبل مفتوح على ارتفاع نسبة الجهل في مجتمع متخلف, ويزداد تخلفاً.
وإنه لمن المخجل إن لم نقل من المخزي للساسة ألا يتوقفوا أمام الحالة الأفظع عدداً ووضعاً, حين يعلمون أن ثلثي الشعب اليمني يعيشون وضعاً إنسانياً يستحق الشفقة والإحسان, ويتطلب العمل العاجل على إنقاذ ما يمكن إنقاذه من ضحايا الجوع وسوء التغذية وتفشي المرض وانعدام المأوى والرعاية, وتزايد أعداد المشردين من القرى والمدن المضطربة بالصراعات والحروب.
تجعلنا هذه الأرقام نتواضع في حديثنا عن مطالبنا وطموحنا المشروع بالحرية والديمقراطية والمواطنة والدولة المدنية, ونكتفي بالوقوف عند المقومات الأساسية والضرورية للحياة الإنسانية على هذه الأرض وتحت سمائها, ولا يضحكنّ علينا أحد بالقول إن هذه الحياة التي نريد تأمينها لليمنيين مشروطة بألاعيب السياسة وخداع الساسة بالأحاديث الزائفة والوعود الكاذبة عن الديمقراطية والدولة والحقوق، فهذه الأحاديث مصحوبة بتدمير الحياة وتخريب شروطها الأدنى للإنسان.
albadeel.c@gmail.com