• بدأ العام الجديد 2015م بمجزرة بشعة ذهب ضحيّتها حوالي 40 قتيلاً و71 جريحاً في انفجار سيارة مفخّخة أمام كلية الشرطة في صنعاء، عملية إرهابية استهدفت تجمّعاً للطلاب المتقدّمين للالتحاق بالدراسة في الكلية من حملة الشهادة الجامعية من منتسبي وزارة الداخلية؛ لا ذنب لهم سوى أنهم أرادوا تطوير معارفهم وخبراتهم في المجال الشرطوي ليكونوا أكثر نفعاً لبلدهم وشعبهم.
• بعد يوم فقط من تأكيد وزير الدفاع أن العام 2015م سيكون عاماً لإعادة الاعتبار لهيبة القوات المسلّحة؛ حدثت جريمة كلية الشرطة، وهي بداية غير مشجّعة ولا تبعث على التفاؤل، ونتمنّى ألا تكون هذه البداية الدموية مؤشّراً لما سيحمله عامنا الجديد من أحداث تذهب معها آمالنا وأحلامنا بأن يكون عام أمن واستقرار وخير، أدراج الرياح..!!.
• مع وقوع هذه الجريمة الإرهابية؛ فإن التساؤل المشروع يتمثّل في جدوى كل تلك الضربات النوعية التي وجهتها الأجهزة العسكرية والأمنية إلى الجماعات الإرهابية وكبّدتها الكثير من الخسائر؛ بينما الواقع يقول إنها تزداد توسُّعاً وانتشاراً وتتعاظم عملياتها يوماً بعد آخر، بل أصبحت عناصرها أكثر جُرأة إلى درجة مهاجمة منشآت ومواقع عسكرية وفي قلب العاصمة مركز القرار والحكم والسيادة، وهي مواقع يفترض أن تكون عصيّة ومحصّنة ضد هكذا عمليات ومحاطة بإجراءات وقائية على أعلى المستويات..؟!.
• استمرار الأعمال الإرهابية في أكثر من مكان، والعدد الكبير من ضحاياها يؤكد فشل الاستراتيجية الحالية المتبعة في مكافحة الإرهاب وعدم جدواها، والحاجة الماسة لتغييرها، كما أن التدابير الوقائية والاحترازية أثبتت هي الأخرى أنها مجرّد فقاعة هوائية لا أثر لها على أرض الواقع، والدليل على ذلك أنها لم تتمكّن من لجم الأعمال الإرهابية إلا مرّات قليلة، ففي مقابل كل عملية يتم إحباطها أو عبوّة ناسفة يتم تعطيلها تحدث عشرات العمليات الإرهابية مخلّفة وراءها مئات الضحايا ولا تعرف الأجهزة الأمنية عنها إلا بعد وقوع الفأس في الرأس.
• المفترض أن تكون الأجهزة الأمنية قد أصبحت لديها خبرة كبيرة في التعامل مع الجماعات الإرهابية وقادرة على توقُّع تحرّكاتهم من واقع التجارب الكثيرة في مواجهة هذه الجماعات على مدار السنوات الماضية، كما أعتقد أن الأجهزة الأمنية والاستخباراتية لديها قوائم بأسماء المشبوهين والمطلوبين أمنياً وأماكن تواجدهم، وما عليها سوى الاستفادة من كل هذا التجارب والخبرات في وقف الأعمال الإرهابية، والاستعانة بالأجهزة العسكرية والاستخباراتية لمواجهة مثل هذه الجرائم البشعة ووقف مسلسل القتل العبثي إذا كانت صادقة في مكافحة الإرهاب.
• في فرنسا وبعد حادثة الهجوم على صحيفة “شارلي هيبدو” والذي تزامن مع حادثة كلية الشرطة؛ لم تمر سوى بضع ساعات حتى كشفت السلطات الفرنسية عن أسماء منفّذي الهجوم وأماكن تواجدهم، وقامت بنشر صورهم في كافة وسائل الإعلام، طبعاً نحن هنا لا نتوقّع أن تقوم السلطات في بلادنا بنفس عمل السلطات الفرنسية؛ لأن الفرق واضح بيننا وبينهم، ولكن ما نريده هو: لماذا عندما تُعلن السلطات في بلادنا عن القبض على المتورّطين في جريمة ما لا تقوم بنشر صورهم في وسائل الإعلام، ولماذا لا ندري أين ينتهي بهم المطاف..؟!.
• لا يكفي وصف هذه العمليات الإجرامية، بـ «البشعة» ووصف من يرتكبونها بـ«الوحشية والدموية» ووصف من يذهبون ضحايا لها بـ«الشهداء»، والتسابق في تقديم التعازي إلى أسرهم، ولا تكفي بيانات الإدانة والتنديد والشجب والاستنكار والاستهجان، ولا يكفي كيل عبارات التهديد والوعيد ضد الإرهابيين قولاً دون تنفيذها فعلاً وممارسة، ولا يكفي اعتماد رُتب ورواتب للشهداء، نريد أن ينال مرتكبو هذه الجرائم ـ أياً كانوا ـ جزاء ما اقترفوه في حق هذا الوطن وأبنائه.
• الكثير من الجرائم البشعة التي اُرتكبت في حق أبناء هذا الوطن وسالت فيها الدماء الطاهرة دون ذنب «جمعة الكرامة، مسجد الرئاسة، مجزرة دوفس، مجزرة السبعين، جريمة المركز الثقافي في إب».. وغيرها؛ كل هذه الجرائم حتى الآن لم يتم كشف النقاب عن ملابساتها ومرتكبيها رغم مرور أكثر من ثلاثة أعوام على حدوث بعضها؛ وكأن في الأمر لعبة من نوع ما؛ نتمنّى ألا تمر هذه الجريمة كغيرها من الجرائم وتنتهي إلى تقييدها «ضد مجهول» كسابقاتها.
• إن السكوت عن مثل هذه الأعمال البشعة يعد جريمة بحق الوطن والشعب، والواجب الوطني والأخلاقي والديني والإنساني يفرض سرعة الكشف عن مرتكبي هذه المجازر والمساهمين فيها، لينالوا الجزاء العادل لكل ما اقترفوه من جرائم، ويكفي ما سال من دماء بريئة رأفة بهذا الشعب المغلوب على أمره والذي لم يعد يريد سوى العيش في أمن واستقرار.
k.aboahmed@gmail.com