• في الدول المتقدمة يصفون مهنة الصحافة بأنها «أجمل مهنة في العالم».. حيث يحظى العاملون فيها بفرص ذهبية للسفر والتعرف على الناس والبلدان، ودخول مناطق وأماكن يصعب على من ليس صحفياً الوصول إليها، كل ذلك في ظل توفر الحرية السياسية والاستقلال المهني، والحماية القانونية التي تمنع استغلال الصحفي من قبل أي طرف أو ابتزازه للحصول على مواقف معينة.
• أما في الدول النامية فإن وصف الصحافة بمهنة المتاعب لم يعد يمثل وصفاً دقيقاً لها ،لأنها أصبحت تجلب الكثير من المخاطر لممتهنيها، ويمكن وصفها بأنها «أخطر مهنة في العالم»، خاصة مع تزايد الاعتداءات على الصحفيين وملاحقتهم وإرهابهم وقتلهم واستهدافهم، سواء في أماكن عملهم أو في منازلهم وهي أعمال لا نجدها إلا في البلدان النامية في ظل الأوضاع المعيشية المتردية وعدم وجود الحماية الكافية.
• ما دفعني لطرح هذا الموضوع هو تفاقم جرائم الاعتداءات ضد الصحافيين في الآونة الأخيرة وتواترها بشكل شبه يومي من قبل بعض ضعفاء النفوس الذين ينظرون إلى الصحافة كخصم، أصبحت معها مهنة الصحافي مهنة محفوفة بالمخاطر، الأمر الذي أجبر الصحافيين وفرض عليهم العيش في خوف مستمر على حياتهم وحياة أسرهم، مع تزايد عمليات استهدافهم بالقتل أو التهديد والترهيب أو الاختطاف والاحتجاز لمنعهم من القيام بواجبهم في نقل الحقيقة وإظهارها.
• وآخر هذه الاعتداءات التي تأتي ضمن قائمة طويلة ترهيب الزميل صلاح الدين الدكاك، وذلك بإقدام عناصر مسلحة بإطلاق وابل من الرصاص على منزله قبل أيام، وسبقها قبل فترة عملية مماثلة من قبل مسلحين ملثمين على متن دراجة نارية قاموا بإطلاق الرصاص أيضاً على منزله؛ كل ذلك في إطار محاولات لترهيبه وإسكات صوته ممن يضيقون ذرعاً بالرأي الآخر، ويتعاملون مع الصحفيين على أساس قُـربهم أو بُـعدهم من هذا الحزب أو ذاك.
• إن أقل ما توصف به هذه الممارسات الإجرامية بحق الصحفيين هي أنها إرهاب بحق مدنيين عُزل، لا تهمة لهم سوى أنهم يسعون إلى نقل الحقيقة، لا كما يسعى البعض إلى طمسها أو إخفائها وتزييف الواقع، إنهم رُسُـل الكلمة الصّادقة الذين يغامرون بحياتهم من أجل الحقيقة، يواجهون الموت يومياً في سبيل هذه الحقيقة ويدفعون الثمن باستمرار من حياتهم وحياة أسرهم.
• فيا من تتحسسون من الصحافة والصحافيين وتنظرون إليهم كخصم ،أبشروا فقد أفادت دراسة طبية حديثة بأن الصحفيين هم أكثر الناس عرضة للوفاة المبكرة بسبب السرطان، خاصة الذين يدخنون بشراهة ويتبعون أسلوب حياة يميل إلى قلة الحركة ويعانون من عدم انتظام ساعات النوم، حيث أشارت الدراسة إلى أن “أغلب العاملين في المجال الإعلامي صحتهم ليست في أفضل الأحوال، مما يعني أن حالتهم الصحية العامة سيئة حتى على الرغم من أنهم ليسوا مصابين بأمراض معينة”.
• وبينما تتوقع الوكالة الدولية لأبحاث السرطان ارتفاع حالات الإصابة بالسرطان على مستوى العالم خلال العقدين الحالي والمقبل ـ أي بحلول العام 2030م ـ إلى الضعف بسبب التدخين، وأن النسبة الأكبر من الإصابات ستتركز في دول العالم الفقيرة ذات الموارد المحدودة أو المتوسطة والتي لا تتمتع ببنية طبية ملائمة، فإن قلة الحركة تحد من فاعلية الجسم في أداء وظائفه، وهو ما يؤدي إلى تراكم أنواع لا حصر لها من السموم داخل جسم الإنسان، وفي مقدمتها الكوليسترول الذي يضاعف مخاطر تصلب الشرايين الناجمة عن التدخين.
• في المحصلة النهائية يُشكل التدخين وقلة الحركة والإجهاد الذهني وعدم انتظام ساعات النوم وصفة حقيقية للوفاة المبكرة، وهي صفات بعضها أو كلها تلازم أغلب الصحفيين في بلادنا، فدعوا الصحفيين يتمتعون بأعمارهم القصيرة ويعبرون عن آرائهم بحرية، ولا تتعبوا أنفسكم وتتكبدوا مشقة وعناء ملاحقتهم وتهديدهم وإرهابهم وقتلهم ،لأن السرطان سيتكفل بهذه المهمة وسيقصف أعمارهم باكراً وستتخلصون منهم دون أن يكلفوكم شيئاً.
k.aboahmed@gmail.com