وصول الرئيس عبد ربه منصور هادي إلى مدينة عدن أثار العديد من التساؤلات التي ستظل كذلك إلى أمد بعيد ،لكن ثمة حقيقة لابد من الإشارة اليها في هذه العجالة من أن الرئيس هادي قد خلط أوراق اللعبة وغير قواعدها مجدداً بعد أن تمكن من الخروج من الإقامة الإجبارية في مسكنه بالعاصمة منذ أكثر من شهر ..وهي مفاجئة بكل المقاييس ،خاصة بعد بيانه المقتضب الذي أعلن فيه رفضه لمترتبات ما بعد أحداث 21 سبتمبر الماضي .
مجدداً يضع الرئيس هادي أجندة جديدة وعلى مختلف المستويات وأمام كافة القوى على الساحة الداخلية والخارجية، هذا من ناحية.أما من ناحية أخرى فإن إرباك المشهد السياسي قد حصل لا محالة ،إذ إن الأحزاب السياسية علقت حوارات موفمبيك ،بل إن ثمة واقعاً مختلفاً بدأ يتشكل سواء في محاصرة الحركة الحوثية سياسياً وإعلامياً أو في تقليص نشاط الحراك الجنوبي وفرض عليه واقعاً جديداً يتماشى مع استحقاقات الحوار بأي شكل من الأشكال .
لقد تبعثرت أوراق اللعبة جراء هذا الوضع الاستثنائي الذي استتبع واقع ما بعد إفلات الرئيس هادي من قبضة الحركة الحوثية في صنعاء ،حيث أصبح اليمن –عملياً- مفتوحاً أمام مختلف الاحتمالات .
والحال كذلك ،لابد من تغليب العقل والعودة إلى طاولة الحوار التي تمسّك بها الرئيس هادي مجدداً بعد أن أصبح في وضع يمكّنه من التحرك بأريحية ودون ضغوط أو إملاءات .
ولا شك بأن هذا الوضع الاستثنائي الراهن في البلد لا يحتاج إلى أية مغامرة تعرض اليمن لخضّات إضافية وتداعيات خطيرة لا يمكن التنبؤ بمدى كارثيتها على المدى المنظور والبعيد.
حتى الآن يبدو الموقف ملتبساً ويطرح التساؤلات أكثر مما يسهب في الإجابات ،خاصة وقد أفضى هذا المتغير إلى أن ثمة (ديالوجاً) داخلياً يدور بديناميكية لم تعهدها الساحة منذ عام 2011م قد طرأ بصورة مختلفة ومتحررة من منطق سياسة الأمر الواقع بين شرعيتين تتباريان في أي منهما على الصواب.
أعتقد أن ثمة متسعاً من الوقت لإعادة ترتيب قواعد اللعبة وفقاً للمعطيات الجديدة التي فرضها الرئيس هادي على صورة المشهد اليمني الراهن ..بالتالي فإن كل الخيارات ممكنة ،لكن على الجميع –منذ الآن – الحرص على تجنيب الوطن احتمالات اختبار تلك الخيارات الموغلة في الاحتراب .. هل حقاً تغيرت قواعد اللعبة ؟!