من الواضح أنه لم يعد أمام اليمنيين متّسع من الوقت للمناورة تجاه ضرورة وضع الحلول الناجعة والسريعة للمشاكل المستعصية ذات الصلة بضرورة انتشال الوضع الراهن من حالة الغرق التي يعيشها الجميع دون استثناء.
وأعتقد أنه دون وجود ديناميكية للتفاعل مع الحالة الراهنة من أجل إنقاذ الحالة اليمنية من وضعية التخبُّط؛ فإننا سنجد أنفسنا جميعاً في دائرة الاحتراب التي دوماً ما حذّرنا منها ودبجنا مئات المقالات وقصائد الشعر للخروج منها دون جدوى مع الأسف الشديد.
إن الشواهد جميعها تشير - حتى الآن -إلى أن ثمّة مخاطر حقيقية محدقة بالوطن والتجربة على حدٍّ سواء يتطلّب معها استشعار وطني عالٍ بهذا المأزق، خاصة أن الجميع ذاهب في استحضار ذواتهم ومصالحهم دون التفكير قليلاً بطبيعة هذه المخاطر التي ستقود الوطن أرضاً وإنساناً إلى دائرة الخطر جرّاء هذا النزوع الأناني المتسلّط وغير القادر على إيجاد أرضية مشتركة مع الآخر من أجل التقاط الفرصة الأخيرة قبل الذهاب إلى المجهول.
ومع كل هذه المخاوف؛ لايزال المواطن البسيط يعلّق آمالاً عراضاً على النُخب السياسية بأن تعود إلى جادّة الحق والصواب، وبحيث تعمل على تحكيم العقل والمنطق لاستحضار القواسم المشتركة والجنوح إلى السلم؛ خاصة أن هذه النُخب والمكوّنات تدرك أن خيار اللجوء إلى القوّة والعنف لن يكون في صالح أحد؛ بل سيزيد الطين بلّة – كما يُقال – وسيؤدّي باليمن السعيد إلى أتون صراعات دموية قد لا تنتهي وتحرق الأخضر واليابس، فضلاً عن أنها ستلقي بظلال سلبية على مستوى استقرار المنطقة بأكملها.
ولا شك أن حالة الاستقطاب والفرز المجتمعي على أسس غير وطنية ستؤدّي إلى استحضار مرارة الدرس اللبناني خلال الاحتراب الأهلي الذي استمر طويلاً في هذا البلد الشقيق؛ لذلك لاتزال الفرصة سانحة لتمكين العقل لوضع الحلول الممكنة بالعودة إلى الحوار الذي لا غنى لأحد من الأفرقاء عن اعتماده سبيلاً للخروج من المأزق الراهن وبالذات في هذا الظرف الحرج والاستثنائي الذي يمرُّ به الجميع دون استثناء.
اللهم إني بلّغت، اللهم فاشهد.
baabbadf@hotmail.com