في حقيقة الأمر ،لا يعنيني ما إذا كانت ظواهر التطرف والتشدد والغلو تأتي في ثياب عصابات الإجرام والإرهاب والتقطع والاغتيال أم كانت تأتي في بناطل الساسة أو عمائم خطباء بعض المنابر الدعوية ،إذ أن كلا المنطقين يقودان –بالنتيجة –إلى اتساع نطاق سلال هذا الداء الخطير في الجسد اليمني والعربي على حد سواء !
لقد كنا في الماضي القريب نحلم بسلال الغذاء والفواكه وإذا بنا اليوم - مع الأسف الشديد – نحمل هذه السلال وقد امتلأت بالقنابل والأحزمة المفخخة والديناميت.
- حقاً إنها مفارقة غريبة وأليمة ..!
تُرى ما الذي جرى حتى تصبح هذه السلال تحمل في ثناياها عناقيد الموت بدلاً من أن تمد الناس بأكسجين الحياة ؟!
هذا التساؤل يدور دوماً في خلدي منذ وقت غير قصير وبخاصة منذ أن استفحل تبرير سفك دماء الأبرياء في كل المدن العربية ..واعتلى شيوخاً ودعاة لا صلة لهم بالدين الحنيف من قريب أو بعيد !
من الواضح أنه في الراهن -كما لم يكن في الماضي - حضور المثقف ..ولم تكن منصة الخطابة الدعوية يلتفت إليهما مالم تكن الحقيقة المجردة حاضرة في المشهد ،الأمر الذي يعري المثقف العربي في عجزه الكامل عن القيام بوظيفته لغرس قيم المحبة والتواصل الحضاري تماماً كما هو حال المنبر الدعوي ،خاصة وقد ترك كل منهما الباب موارباً أمام الدخلاء والمفلسين والمرابين لاحتكار العقل العربي وتعبئته بالخرافات وخطاب استعداء الآخر !
لذلك –ربما – لم يكن غريباً أن يتحول الواقع العربي راهناً إلى بؤرة استقطاب للهدم والتدمير وتحويلها إلى مناطق جذب لاستيراد منشورات الغلو والتطرف ،الأمر الذي تحول هذا الواقع -تلقائياً - إلى أرضية تنمو عليها طحالب الإرهاب بكل أشكاله وأصنافه .
وفي حقيقة الأمر لا أدري ما إذا كان من سوء الطالع أن يقتات اليمنيون بفجائع الدم صباح مساء أم أنهم سيجدون أنفسهم فجأة وقد تخلصوا من هذا الوباء الذي سيودي بهم إلى مدافن الموت الجماعي ،خاصة وأن الأمر لم يعد مضحكاً أن يطل علينا الساسة عبر الشاشة الصغيرة وعبر مكبرات الصوت يعلنون في كل حين ووقت أنهم يحملون أغصان السلام ،بينما يغمدون سكاكينهم في خواصر اليمنيين ..رعى الله سلال الموز والرمان وأعاذنا من سلال القنابل والديناميت!
baabbadf@hotmail.com