تتبدّى مشاهد المأساة الناجمة عن استمرار الاقتتال بين أبناء اليمن في تلك النتائج المدمّرة التي طالت الإنسان والبنية التحتية على حدٍ سواء وأكثر من صعيد.
وإذا كان هناك من يلقي بتبعات هذا الاحتراب على الخارج؛ فإن المسؤولية الحقيقية تتحمّلها النُخب السياسية التي لم تستطع رغم الفرص التي أتيحت لها أن تتقدّم في اتجاه لإيجاد المخارج السلمية للأزمة منذ بواكيرها الأولى.
ومع الأسف الشديد فإننا نرى في تجلّيات المأساة الدم اليمني الذي يُراق على امتداد الخارطة اليمنية وحالة الشّلل التي باتت السّمة الأبرز في الحياة العامة، فضلاً عن الأعباء الكبيرة والخطيرة التي تثقل كاهل المواطن وتزيد من معاناته المعيشية والصحية وانعدام أبسط مقوّمات الحياة الآدمية.
وليس من باب التنجيم القول إنه في حال استمرار هذا الاحتراب جرّاء النزوع الأناني الضيّق الذي يستبد ببعض القوى السياسية المحلّية؛ فإن المستقبل على المدى القريب والبعيد لن يكون مبشّراً بالخير، بل سيأدي إلى نتائج كارثية ما لم تسارع هذه القوى إلى التقاط الفرصة الأخيرة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه وتجنيب الوطن مغبّة الذهاب إلى المجهول.
إن مشاهد الدمار الذي يكاد يطال المدن اليمنية دون استثناء، فضلاً عن أن الاحتراب في عدن والبيضاء وشبوة ومأرب وغيرها من المحافظات بما يلقيه من آثار سلبية إنما يمثّل جانباً بسيطاً من صورة هذه المأساة التي يأمل الجميع بأن يفكر العقلاء – إذا ما كان هناك ثمّة عقلاء – بالمخاطر الفادحة التي سيكتوي بها الجميع دون استثناء.
ومن الغريب حقّاً ومشهد المأساة يتسع ويأخذ أبعاداً خطيرة أن تختفي أصوات العقل والحكمة؛ وعلى وجه الخصوص الأحزاب الفاعلة التي كان يتوقّع منها أن تبذل قصارى جهدها – رغم الصعوبات – للحيلولة دون انفجار الأوضاع وعلى هذا النحو من الدمار.
ومع ذلك لاتزال الفرصة سانحة أمام هذه القوى وغيرها العمل على إيقاف عجلة التدهور, خاصة أن مسؤولية هذه القوى والمكوّنات والنُخب تحتّم عليها مد يد العون بانتشال الوطن من هذا المأزق الخطير؛ إذ لا دور ولا رسالة ولا هدف لهذه القوى في المستقبل ما لم تكن حاضرة بقوّة في مشهد ترسيخ الأمن وإنجاز التسوية السياسية راهناً.