في الوقت الذي تغزو فيه أسراب الجراد مناطق شاسعة من تهامة تأكل في طريقها الأخضر واليابس من المحاصيل والخضروات التي تتميز بإنتاجيتها هذه المناطق ..في هذا الوقت تشتد موجة الصقيع على أجزاء كبيرة من المرتفعات الجبلية والمشهورة أيضاً بزراعة محاصيل الخضار والفاكهة وأشجار البن.. بمعنى آخر أن موجة الصقيع هذه إذا ما استمرت ستأتي على المحاصيل التي لم تصل إليها أسراب الجراد القادمة من مناطق الجوار في المملكة العربية السعودية.. وبالتالي فإن تأثيرات هذه الموجة من الصقيع سيكون لها الأثر السلبي على هذه المحاصيل وعلى صحة الإنسان في وقت واحد.
ومن المؤسف أن تتزامن هاتان المشكلتان المؤرقتان مع الطامة الكبرى المتمثلة في قيام السلطات السعودية بترحيل عشرات الآلاف من المغتربين اليمنيين عن أراضيها خلال الأسابيع الماضية.. وهو ما يلقي بأعباء إضافية على الأوضاع الاقتصادية الداخلية السيئة أساساً.
إن المصائب التي تنزل على رؤوس اليمنيين لا تقتصر تأثيراتها على خطورة الجراد وسلبيات الصقيع وإنما يطال كذلك الذمم الفاسدة التي تأكل أكثر من الجراد ووقع نهبها أفظع من نزلات البرد والصقيع وتأثير هذه الذمم الفاسدة تتجاوز مترتبات ترحيل المغتربين ،خاصة إذا ما عرفنا بأن الفساد يستشري في الدوائر والمصالح والمؤسسات وصولاً إلى أعلى من ذلك مرتبةً ورمزاً.
كما أن ذلك لا يقتصر أيضاً على استنزاف موارد الدولة المحدودة، بل إن خطورة الفساد يأخذ بُعداً اجتماعياً خطيراً ، إذ إن هؤلاء لا يقلون في تخريبهم عن الدلالة التي اكتسبتها رمزية انهيار الحضارة اليمنية القديمة متمثلة في الدور الهدام والتخريبي الذي قامت به جحافل الجرذان وهي تمضي في قرض ساسات سد مأرب العظيم.. وهو ما يحدث على وجه الدقة اليوم مع فئران الفساد المنتشرين في كل زوايا الوطن يأكلون الأخضر فقط إيذاناً بسقوط ما تبقى من بنيان هذه الدولة.. ولا حول ولا قوة إلا بالله!.