شاء اليمنيون أن يغادروا العام 2013م بإسدال الستار على حقبة زمنية بالغة التعقيد والحساسية وذلك من خلال اقتراب إطلاق مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل والتي استبقها منذ أيام التوقيع على اتفاقية حل وضمانات القضية الجنوبية التي تمثل جوهر ولب القضية اليمنية المعاصرة بكل تداعياتها وانعكاساتها.. لا نقول ذلك من باب تحصيل الحاصل وإنما من منطلق الجهود الكثيفة والمتواصلة التي يبذلها الرئيس عبد ربه منصور هادي لاستكمال إنجاز هذه المهام التاريخية الصعبة في توقيتها ومواعيدها الزمنية المحددة.
ومنذ البداية كانت – ولا تزال - الجهود منصبة في اتجاه إخراج البلاد من الأوضاع الكارثية التي أوشكت أن تنفجر وتعمل هذه الجهود في نفس الوقت بكل مثابرة على تأسيس مرحلة جديدة تقوم على بناء منظومة حكم جديدة، وذلك عبر سلسلة إقرار التشريعات الدستورية وإجراء الاستحقاقات الانتخابية والبدء الفوري في تطبيق مضامين مخرجات الحوار.. وهي المهام والمسؤوليات المنتصبة أمام قيادة الرئيس هادي خلال العام 2014م.
في حقيقة الأمر، لا يمكن أن يلمس المواطن هذه الأعمال التي تتواصل من أجل التغيير الجوهري في الحياة اليمنية المعاصرة، مالم تكن ثمة تحولات ميدانية ملموسة في تطويق وتنفيذ هذه التطلعات التي يعول عليها الداخل والخارج الشيء الكثير، خاصة بعد أن نجح اليمنيون خلال الفترة القليلة الماضية من كسب رهان إقامة الحوار والبحث عن مخارج مرضية لتسوية بصورة سلمية غير مسبوقة .
صحيح أن الوثيقة التي وقعت عليها الأطراف المعنية بشأن حلول وضمانات القضية الجنوبية قد شابها الكثير من اللغط وبعض المواقف الانتهازية التي تضع مصالحها الشخصية والحزبية في مقدمة مصالح الوطن العليا.. لكن الصحيح أيضاً أن ثمة إجماعاً وتأييداً شعبياً ودعماً إقليمياً ودولياً لمناصرة هذه الخطوة الإجرائية السليمة في مضمار السباق بين الحل واللاحل ، خاصة أن هناك حقائق جوهرية تبنتها الوثيقة في إطار تأكيد أحقية القضية الجنوبية في أن تأخذ بعدها الحقيقي.. وهي بالتالي أحق ما تكون أن تعطى كافة التطمينات والضمانات والآليات ذات الصلة بتنفيذ مختلف مراحلها وعلى أسس قيام اليمن الاتحادي الذي يضمن فضاء الحقوق المتساوية والعادلة لكل اليمنيين.
والخلاصة، فإن معالجة هذه القضية سوف تسهم -دون شك -في إعطاء دفق جديد في إمكانية التوصل إلى شكل الدولة في نهاية المطاف بعد أن يكون الأخ رئيس الجمهورية قد طوى صفحة الاختلاف حول عدد الأقاليم المكونة لهذه الدولة الفتية.
وإزاء هذه المهمة الوطنية بامتياز، يتطلب من كافة القوى السياسية داخل وخارج مؤتمر الحوار التغلب على المصالح والنوازع الحزبية والشخصية الضيقة والانتقال إلى فضاء المصلحة الوطنية العليا.. والعمل بروح متحررة من رواسب الماضي وأزماته وعلى نحو يحقق التوافق من أجل مصلحة اليمن العليا.. وأزالت كل تلك الصعوبات التي ما تزال تمثل عقبة كأداء أمام استكمال إنجاز هذا المشروع وغيره من المشروعات الحضارية التي يقود لواءها الرئيس عبدربه منصور هادي في هذه الظروف الاستثنائية التي يعيشها الوطن.