لا شك أن العام 2013 حفل بالكثير من الأحداث الوطنية الهامة والكبيرة سواء كانت إيجابية أو سلبية, وفي المقدمة كان انعقاد مؤتمر الحوار الوطني في الثامن عشر من مارس 2013 كحدث استثنائي ليس فقط على الصعيد المحلي وإنما على الصعيدين الإقليمي والعربي وخصوصاً في إطار ما عُرف ببلدان الربيع العربي التي دخلت في متاهات صراعات داخلية، وكانت اليمن سباقة إلى الدخول في مسار تسوية سياسية جلبتها المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية مصحوبة بدعم إقليمي ودولي لهذه التسوية انطلاقاً من حسابات صبت في مصلحة اليمن التي حباها الله بموقع استراتيجي متميز.
وبالتالي في إطار مصالح القوى الدولية التي ترفض وجود قلاقل في منطقة ممر بحري عالمي هام يربط الشرق بالغرب كان الحرص على دعم استقرار اليمن والعمل الدؤوب للحيلولة دون انزلاقه إلى دوامة حرب أهلية كما حدث في الصومال قبل أكثر من عقدين من الزمن.
والحدث الثاني الأبرز كان في قرارات 10 أبريل الرئاسية الشهيرة التي فككت مراكز القوى العسكرية وشكلت المرحلة الثانية والنهائية من خطة هيكلة القوات المسلحة, والتي نأمل أن تسير وفقاً للخطة المرسومة من أجل بناء جيش وطني لا يتبع فرد أو عائلة أو طائفة. وأيضاً في المقابل من حقنا أن نفصح عن أملنا في أن ما تم هو فعلاً إزاحة مراكز القوى فقط، وأن لا يتعدى ذلك إلى انعكاسات سلبية على قوة وفاعلية المؤسسة العسكرية أو تحطم الوحدات الفاعلة فيها.
أما على الجانب السوداوي فكانت الحادثة الإرهابية التي استهدفت مجمع الدفاع ومستشفى العرضي هي أكثر الأحداث المأساوية التي عاشها الوطن في العام المنصرم، وكشفت عن وجه قبيح لأولئك الذين تخلوا عن كل القيم النبيلة، ولم يعد لديهم أية ذرة إنسانية أو رحمة, وللأسف الشديد إنهم يرتكبون جرائمهم الوحشية تحت عباءة الدين أو بالوكالة عمن يوظف عباءتهم الدينية لأغراض سياسية وفي كلا الحالتين فهم قتلة والدين بريء من أعمالهم.
كما أن العام الماضي وبكل حسرة وأسى شهد حالة انفلات أمني غير مسبوق، وتزايدت الأعمال التخريبية التي استهدفت أنابيب النفط وأبراج الكهرباء إلى درجة تجعلنا نتساءل بكل مرارة : إلى متى يعيش 25 مليون يمني تحت رحمة كلفوت؟ وبقدر ما إن الجميع استهجن قذيفة دبابة قصفت مجلس عزاء في الضالع فإن الجميع ينتظر من الدولة أن تضرب بيد من حديد أو بقذائف من دبابة أو هاون على كلفوت وبيت كلفوت وقرية كلفوت؛ لأن هذا هو جزاؤه وجزاء أهله وعشيرته الذين لا يردعونه, أما أن تستمر الحكومة في مراضاتهم بالملايين وبالوظائف وبإطلاق معتقليهم القتلة والمأجورين من السجون فهذا يعني أن على اليمن السلام.
ويبقى أن الحديث عن مآسي ومعاناة العام المنصرم هو حديث طويل ومتشعب ولا يكفيه سطور أو صفحات جريدة, وحتى لا نكون متشائمين إلى أقصى حد فإن علينا أن نتطلع إلى العام الجديد 2014، والذي نأمل أن يكون أفضل من سابقه، وأن يشهد سريعاً تتويجاً نهائياً، وختام مسك لمؤتمر الحوار الوطني ومخرجاته، بحيث نتجه صوب مرحلة البناء والإعمار للدولة اليمنية المدنية الحديثة دولة النظام والقانون والمؤسسات ودولة المواطنة المتساوية.