لا يمكن بأية حال من الأحوال إسناد نصر الإنجاز التأريخي المتمثل في مخرجات التسوية السياسية إلى طرف بعينه؛ إذ إن هذا الإنجاز يحسب لكل أبناء الشعب اليمني ممن اصطفوا خلف هذه العملية الحضارية معوّلين عليها التقاط الفرصة التاريخية للخروج من أسر هذه المحنة التي كادت أن تأتي على الأخضر واليابس، على أن ذلك لا يقلل من الدور الريادي الذي قاده الرئيس عبدربه منصور هادي وجسامة المسؤولية الوطنية التي اجترحها في أشد اللحظات حرجاً وصعوبة في تاريخ الوطن اليمني، وذلك عندما تحمل هذه المسؤولية في ظروف بالغة الدقة والحساسية والتعقيد؛ إذ كانت حدة الانقسام تنذر بذهاب اليمن إلى المجهول.
لقد تمكن الرئيس عبدربه منصور هادي بعد أن حظي بثقة الشعب من نزع فتيل الاقتتال وإعادة رسم خارطة طريق للخروج من الأزمة، استحق عليها – إلى جانب الاصطفاف الوطني – دعماً إقليمياً ودولياً تمثل في مساندة جهوده الرامية إلى إعادة ترتيب البيت اليمني من الداخل والانطلاق بالعملية السياسية إلى الفضاءات الرحبة وفي اتجاه المستقبل.
من الطبيعي أن يستذكر اليمنيون تلك الظروف العصيبة وهم يؤسسون للمستقبل، لكنهم في مطلق الأحوال لم يفقدوا الأمل بإمكانية الخروج من أسر تلك التداعيات.. ولذلك لا غرابة اليوم إذا ما وجدنا حالة الاستبشار طاغية على وجوه الجميع رغم جسامة التحديات، لعل في مقدمة هذه الجموع المستبشرة بالمستقبل الرئيس عبدربه منصور هادي الذي استطاع بالاقتدار والحكمة والحنكة أن يدير العملية السياسية خلال مؤتمر الحوار بنجاح كبير بموضوعية واتزان مكنه من ترجيح دفة الحلول السلمية على ماعداها من رهانات عسكرية.. وتجاوز بتلك السمات عديد العقبات التي واجهت أعمال مؤتمر الحوار الوطني، وأسهمت – بشكل أساس – في التوصل إلى هذه المخرجات البناءةَ والقائمة على مبدأ التوافق وفي الاتجاه الذي يحقق الغايات والأهداف الاستراتيجية من هذه العملية الحضارية التي أنقذت اليمن ووضعته على الطريق الصحيح وسط تقاطعات مليئة بمخاطر التفتت والاحتراب.
وكما نجح الرئيس هادي في ذلك، كذلك نجح خلال هذه الفترة في تحقيق شرط التوافق الوطني وانطلاقاً إلى فضاء حشد الاصطفاف الأممي، والذي تمثل في سلسلة خطوات دعماً لهذه المسيرة وفي شقيها السياسي والاقتصادي، حيث أثمرت الجهود الديبلوماسية الرئاسية من الحصول على مساعدات تقدر بنحو 7.5 مليارات دولار؛ وذلك كمساهمة عملية من أصدقاء اليمن لدعم مسيرة هذا التحول.
أما على الشق السياسي فقد كان واضحاً منذ الوهلة الأولى بروز مختلف أشكال الدعم السياسي الأممي لقيادة الرئيس هادي ومسار العملية السياسية، حيث رأينا ذلك جلياً في مواقف الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن والاتحاد الأوروبي من أجل توفير الغطاء السياسي لهذه العملية الحضارية والتي حظيت – ولأول مرة ربما – بالتوافق الدولي غير المسبوق بين الدول الأعضاء في مجلس الأمن، الأمر الذي عزز من قدرة التحرك الرئاسي في تفعيل الديبلوماسية اليمنية على أكثر من صعيد وفي أكثر من اتجاة لحشد المزيد من هذا الدعم الأممي.. وهو ما تحقق للرئيس هادي خلال الفترة المنصرمة، الأمر الذي يضعه عند امتحان التحدي وهو يدير دفة المرحلة المقبلة.