• هل الأحزاب السياسية موجودة لخدمة الوطن والمواطنين، أم أن الوطن والمواطنين موجودون لخدمة الأحزاب؟ ما هو دور الأحزاب السياسية؟ هل يتمثل دورها في العمل على تطبيق برامجها لخدمة الوطن والمواطن، أم أن دورها يتمحور في السعي لامتلاك الوطن والاستئثار بالسلطة بكافة أشكالها واستخدام المواطن كجسر عبور للوصول إلى هذه السلطة؟!
• الإجابة المنطقية على هذه التساؤلات تقول إن الهدف الأساسي والوحيد من وجود الأحزاب السياسية هو العمل من أجل خدمة الوطن والمواطن، أما في بلادنا فإن أحزابنا السياسية على العكس من ذلك تماماً، لأن ممارساتها تؤكد أن الوطن والمواطن يأتي في آخر قائمة اهتماماتها ولا تلتفت إليه إلا في المواعيد الانتخابية لضمان صوته في الاقتراع، أما في معظم الأوقات فلا تعيره أي اهتمام وكذلك الحال بالنسبة للوطن، لأن مصالح الحزب وقادته لا يُعلى عليها ولو كان على حساب الوطن ومواطنيه.
• كل الأزمات والمشاكل التي نعاني منها في بلادنا أسهمت الأحزاب السياسية بشكل كبير في صناعتها وتفاقمها، بسبب انشغالها في معارك جانبية، الهدف منها تحقيق مكاسب حزبية ضيقة وأنانية، وتخليها عن القيام بواجباتها ومسئولياتها تجاه قضايا الوطن والمواطنين، ورغم قولها بأنها تناضل من أجل وضع أفضل للشعب، إلا أن أكثر ما تبرع فيه هو الغرق في الاختلافات السياسية والدخول في سجالات ومناكفات قاتلة بدلاً من السعي لإيجاد ولو حد أدنى من التفاهم والتناغم والعمل المشترك فيما بينها من أجل خدمة الوطن والمواطنين.
• الأحزاب السياسية في بلادنا في حالة صراع وعراك دائم فيما بينها، لم ترغب يوماً بالاتفاق والتوافق والتقارب قدر هوسها بالاختلاف والتنافر والتباعد، ورغم أن العمل السياسي الناضج والمسئول يقتضي البحث عن نقاط التقارب والتوافق بين فرقاء السياسة تجاه القضايا الوطنية، ولا ضير من تقديم التنازلات المتبادلة لتسير عجلة الحياة والنهوض بالوطن وأوضاع المواطن على حد سواء، لكن أحزابنا لا تفهم العمل السياسي إلا باعتباره ممارسة الاختلاف والصراع وليّ الذراع وكسر العظم.
• «سياسيونا يأكلون الحصرم وأبناء الشعب يضرسون»، ذلك هو حالنا مع الأحزاب السياسية، حيث نجد هذه الأحزاب والقائمين عليها متفرغون فقط لصناعة الأزمات والمشاكل، بينما المواطنون هم من يتحملون فاتورة الصراع السياسي ويدفعون الثمن من لقمة عيشهم وصحتهم وراحتهم وأمنهم واستقرارهم، أبناء الشعب هم من يعانون آثار وتبعات الصراعات الحزبية العقيمة، بينما صانعو الأزمة ومشعلوها والمستفيدون منها لا يشعرون بمعاناة العامة من أبناء الشعب لأن آثارها لا تصل إليهم أو حتى تمسهم في شيء.
• تُرى هل يشعر سياسيونا فعلاً بما يعانيه الوطن ومواطنوه ويكابدونه من عناء، جراء اختلافاتهم وصراعاتهم المستمرة؟! بالتأكيد لا وإلاّ لكنا وجدناهم يبحثون عن الحلول والمعالجات المناسبة لكل ما نعانيه من أزمات ومشاكل، بدلاً من سعيهم الدائم للتصعيد وزيادة التأزيم، لأن ما حدث ويحدث على أرض الواقع هو أن أية حلول لأزمة أو مشكلة معينة دائماً ما تصل إلى طريق مسدود وكلما لاحت في الأفق بوادر إيجابية ومشجعة لحل أية أزمة أو مشكلة نجد هناك من يعمل على إفشالها بل وزيادة حدتها.
• الآن وبعد انتهاء مؤتمر الحوار وما مثّله من محطة هامة بنجاحه في جمع فرقاء السياسة حول طاولة واحدة، أعتقد أن الفرصة مواتية أمام الأحزاب السياسية في بلادنا لتثبت فعلياً أنها موجودة لخدمة الوطن والمواطنين، وليس تسخير الوطن والمواطنين من أجل مصالحها ورغبات القائمين عليها، ولكي تثبت هذه الأحزاب أن خدمة الوطن والمواطن مدرجة في حساباتها، فلتتفق على كل ما من شأنه خدمة المصلحة الوطنية وتترك جانباً الخلافات والصراعات وتستثمر الجهود التي كانت تذهب هدراً في المناكفات والمكايدات السياسية العقيمة، فيما يخدم الوطن ويحقق مصالحه ومصالح أبنائه.
k.aboahmed@gmail.com