المنطق اليميني على عهد جمهوريي بوش الأب وبوش الابن كان وراء الاندفاع الأمريكي غير المحسوب بدقّة، بل التخلِّي التام عن نصائح الناصحين من علماء وباحثين وخبراء استراتيجيين في الولايات المتحدة ذاتها.
وهكذا اندفع اليمين الجمهوري بكل قوّته على عهدي بوش الأب والابن، وسجّل سلسلة من الانتصارات الموقتة هنا وهناك، وأثبت أن لدى الولايات المتحدة قوة عسكرية قادرة على خوض عدّة حروب دفعة واحدة، بل إن بعض جنرالات البنتاغون كانوا يتباهون بهذه الطاقة الاستثنائية لأقوى قوة عسكرية في العالم.
على خط متصل، وخلال إدارتي بيل كلينتون وأوباما الديمقراطيتين، حاولت الإدارات الأمريكية الديمقراطية الالتفاف على السياسات المغامرة للجمهوريين الجدد، فأفلحت بهذا القدر أو ذاك، حتى إن عهد الرئيس الديمقراطي بيل كلينتون قدَّم أملاً كبيراً لعموم المنتمين إلى الطبقة الوسطى الأمريكية، من خلال المؤشرات الاقتصادية الإيجابية التي أثبتت أن لدى الولايات المتحدة احتياطات علمية ومادية وبشرية هائلة تُمكّنها من أن تعصف بالأزمات الشاخصة وتحاصرها، لكن بيل وأوباما لم يفلحا في تليين غلواء اليمين المحافظ، بالرغم من محاولاتهما المتكرّرة في الإصلاح على خط التعليم والضرائب العامة والصحة.
والشاهد أن أوباما مازال يخوض وحزبه صراعاً مريراً مع سدنة البنتاغون، وبورصة وول ستريت، ومؤسسة الصناعات الحربية الاستراتيجية، وبنوك التصرُّف بالنظام النقدي الأمريكي، والعالمي أيضاً.
حاول الجمهوريون خلال انتخابات الإعادة لأوباما الدفع باليميني المرموني الانجليكاني إلى سدّة الرئاسة، وكان واضحاً أن هذا الاختيار المُرعب يتصل بإحياء الريغانية الجديدة واستتباعاتها المخيفة على المستويات العسكرية والسياسية؛ غير أنهم أخفقوا، لكنهم لم ينحسروا بالطبع، ذلك أن البنية المؤسسية السياسية الإسفنجية للولايات المتحدة مازالت تسمح بالحد من صلاحيات الرئيس وفريقه، ولهذا السبب تبخَّرت سلسلة من وعود أوباما وخاصة لجهة التعامل مع نتائج حربي العراق وأفغانستان، وكذا التعامل مع تداعيات ما بعد أحداث سبتمبر.
Omaraziz105@gmail.com