المقدّمات التي تحدّثنا عنها في الأمس وقبله تُفسِّر لنا ما آلت إليه الأُمور في الولايات المتحدة، فالدَين العام في تصاعد كبير، والرهون العقارية المليارية تمت تسويتها بطريقة غير كاملة، والبنوك التي أفلست تباعاً؛ أظهرت محنة النظام النقدي الأمريكي المُثابر على تحمُّل أعباء العالم من خلال الإصرار على معيارية الدولار في سلّة العملات الصعبة، وما جرى ويجري في العراق وافغانستان لم يكشف تهافت المبرّرات لشن تلك الحروب فقط؛ بل سوء النتائج التي حوَّلت البلدين إلى غابة يتصارع فيها أُمراء الحرب الطائفيون المتعصبون ومن على شاكلتهم.
والأفدح من ذلك تمثَّل في القراءة الأمريكية لمشهد التحوُّل العاصف في المنطقة العربية، فقد ذهبت البراغماتية السياسية الأمريكية إلى أبعد حدٍ، عندما استوهمت أن تياراً دينياً سياسياً مُقيماً في الماضي سيمثّل عتبة التدوير الحاسمة للفوضى الخلّاقة، وهنا التقت الأنجليكانية الهرمجدونية الدينية المتعصّبة مع ذات المسار الذي يتغلَّف بالإسلام، وكان ما كان مما نشهده الآن في العالم العربي.
وعلى خط روسيا وآوراسيا الكبيرة عانقت الولايات المتحدة تطيُّرات الجورجي اليميني تشكسفيلي؛ وكانت النتيجة منح كل الذرائع القانونية للعسكرية الروسية التي لم توفَّر وقتاً ولا جهداً لتكتسح أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا، استناداً إلى مبرّرات قانونية واضحة المعالم، وهذا ما حصل بطريقة أكثر نعومة في شبه جزيرة "القرم" الاستراتيجية التي عادت لتوِّها إلى الحاضنة الروسية وباستخدام ذات الأدوات القانونية التي أغفلها الأمريكان، مراهنين على البيادق الخفيفة للحلفاء الصغار على سدّة الحكم هنا وهناك..!!.
Omaraziz105@gmail.com