معادلة لا تستقيم أبداً تلك التي نشهدها هذه الأيام على الأقل في أمانة العاصمة صنعاء, حيث تمر بكثير من محطات البترول فتجدها إما مغلقة أو مزدحمة بطوابير طويلة تتحرّك كالسلحفاة، وثالثة ليس فيها وقود ولكن أمامها طوابير تنتظر وصول القاطرات.
وما أن تكاد تبكي من حال المحطات وأزمة الوقود الخانقة حتى تنفجر من الضحك وأنت تلحظ اختناقات مرورية غير مسبوقة في أكثر من شارع, فهل من المعقول أن توجد كل هذه الاختناقات، وأن نشهد كل هذا الازدحام في وقت يُفترض أن ثلث السيارات والمركبات متوقفة بسبب عدم توفر الوقود، والثلث الثاني في طوابير الانتظار أمام المحطات..؟!.
في حقيقة الأمر أننا أصبحنا نعيش كضحايا لمن هم غارقون في تأزيم الأوضاع من كافة النواحي وبصورة غير بريئة وغير أخلاقية ولا إنسانية.
من الناحية النظرية باتت صناعة الأزمات علماً جديداً يتخصّص ويهدف إلى اختلاق أزمات في المجتمع والدولة دونما وجود أية مقدّمات أو جذور حقيقية لها؛ بما يدفع البلاد إلى صراعات جديدة لم تكن متوقّعة أو واردة قبلها؛ الأمر الذى يُدخلها في دوامة إضافية من الفوضى والتراجع على كل الأصعدة.
لا نكاد نخطو خطوة إلى الأمام إلا ونتفاجأ بمن يجرّنا إلى الخلف بأعمال شيطانية جهنمية، وبالتالي هي أزمة فئة وأزمة ضمائر البعض الذين لا يروق لهم إلا حين يعيش المجتمع كلّه في أزمات وتحت رحمة تلك الضمائر الشيطانية، وهؤلاء لا يعرفون النوم إلا حين يطير النوم من شعبٍ بأكمله, ولا يهدأ لهم بال إلا حين لا يهدأ بال المجتمع، ولا يعرف الوطن الأمن ولا السكينة.
ومظاهر صناعة الأزمة في هذا البلد الحبيب كثيرة ولا تتوقف فقط عند اختفاء الوقود أو بروز ظاهرة الاختناقات المرورية أو درّاجات الموت والاغتيالات, وإنما يندرج في إطارها شلّ الحركة القضائية مما يفاقم القضايا ويضاعف الجرائم, وتندرج في إطارها الإضرابات غير المبرّرة التي تعيق سير الأعمال وتحدُّ من حركة الإنتاج والإبداع.
بصراحة وبكل وضوح, نحن نشهد تأزيماً مبرمجاً، وأكثر من ذلك تدميراً ممنهجاً لوطن أو لبقية باقية من وطن كل ذنبه أن هناك حفنة من البشر تنتمي إليه زوراً وبهتاناً وتحمل بطائق هويّة وجوازات سفر يمنية لكنها في حقيقة الأمر تمارس في كل دقيقة وكل ساعة وكل يوم أفعالاً مشينة وجرائم وأعمال دنيئة يدفع ثمنها وطن الإيمان وشعب الحكمة..!!.
alhayagim@gmail.com