يواصل أبطال القوات المسلّحة والأمن عملياتهم البطولية ضد عناصر «القاعدة» الإرهابيين وكلّهم عزم وإصرار على اجتثاث هؤلاء الشرذمة الباغية وتخليص البلاد من شرورهم وجرائمهم الإرهابية العبثية، وقد أصبحوا على مشارف تحقيق النصر النهائي بالقضاء التام على عناصر الإرهاب بعد أن تلقّى هؤلاء الإرهابيون ضربات موجعة في محافظتي أبين وشبوة على أيدي أبناء القوات المسلّحة والأمن؛ وهو ما أكدته الخسائر الفادحة التي تكبّدها التنظيم والمقابر الجماعية لعناصره التي تم الكشف عنها مؤخراً.
لا أحد يستطيع التقليل من النجاحات الميدانية التي حقّقتها المؤسستان العسكرية والأمنية في القضاء على الإرهاب وعناصره في تلك المعارك البطولية التي سطّروا ومازالوا أروع الملاحم الوطنية ويحظون بدعم وإجماع شعبي عام مؤيد ومساند لهم في الحرب ضد الإرهاب؛ وهو ما يجب أن يستمر ويتواصل من أجل رفع معنويات أبطال القوات المسلّحة والأمن وهم يخوضون أشرف وأنبل المعارك من أجل حماية الوطن وتخليصه من عناصر الشر والإرهاب.
إن هذه الأعمال الإرهابية هدفها النيل من اليمن وتشويه سمعته والإضرار بمصالحه، فما أن تحاول البلاد السير قُدماً في بناء الدولة الحديثة حتى تواجه أعمالاً إجرامية حديثة، وبدلاً من التفرُّغ لعملية البناء والتنمية يصبح التركيز على محو آثار ونتائج هذه الأعمال الإرهابية؛ الأمر الذي يجعل من محاربتهم والقضاء عليهم واجباً دينياً ووطنياً لأنهم يشوّهون الإسلام بهمجيتهم وتصرّفاتهم العدوانية وأفعالهم الإجرامية التي تتعارض مع ديننا الإسلامي ومبادئه وتعاليمه السمحة وتتعارض أيضاً مع سلوكيات وأعراف أبناء مجتمعنا اليمني الذي عُرف عنهم منذ القدم أنهم «ألين قلوباً وأرق أفئدة» في بلد وُصف بـ«بلد الإيمان والحكمة» كما أنهم يسيئون إلى سمعة اليمن سياسياً ويضرّون بمصالحه الاقتصادية.
إننا مُجبرون على أن نواجه خطر الإرهاب بأنفسنا، ليس لأنه يشوّه سمعتنا وسمعة بلادنا لدى الآخرين ويضعنا كخصم أمام العالم وحسب؛ بل لأننا نشكّل أيضاً أحد أهم أهدافه وأكثر المتضرّرين منه، فبالتوازي مع العمليات العسكرية لدك أوكار الخلايا والعناصر الإرهابية؛ لابد أيضاً أن نتنبّه إلى العوامل والظروف الحاضنة للإرهاب، ولعل أحدها وأكثرها أهمية المؤسسات والمراكز التعليمية الدينية المُسيّسة التي يغلّفها القائمون عليها بغلاف إسلامي ويُلبسونها جلباب الورع والزهد والتقوى بينما هي في حقيقة الأمر ليست إلاّ معامل لتفريخ الإرهابيين المعبأين بالنهج الجهادي المتزمّت، وليس خافياً على أحد كيف يتم استغلال هذه المؤسسات والمراكز لغرس ثقافة الغلو والأفكار المتطرّفة لخدمة أهداف أخرى هي أبعد ما تكون عن الإسلام.
أيضاً من وسائل محاربة الإرهاب تجفيف كل منابع الترويج للشعارات والأفكار الضالة المنسوبة إلى الإسلام وهو منها بريء، والحؤول دون وصول هذه الأفكار إلى الشباب المهدّدين بأن يصبحوا لقمة سائغة باسم الدين لتجّار الدم من الإرهابيين، ولابد من محاربة الإرهاب إعلامياً من خلال الكشف عن بشاعة أفعال عناصر الإرهاب وما يقترفونه من جرائم وأعمال مشينة، ودينياً من خلال التأكيد على رفض الدين لهذه الأعمال ونبذه لها، باعتبار أن الإرهاب ظاهرة إجرامية مرفوضة في جميع الأديان السماوية والأعراف والمواثيق الدولية.
إن الأهم الآن هو كيف تتوحّد الجهود لمواجهة خطر «القاعدة» ومجابهتها ومحاربة هؤلاء المجرمين وبكافة الوسائل المتاحة، ودعم كافة الجهود المبذولة لمواجهة التنظيمات الإرهابية وضربها أينما وجدت؛ وليس تبادل الاتهامات حول من يستخدمها أو من يدعمها ويرعاها، على أن هذه المسؤولية لا تقع على عاتق الدولة وحدها بقدر ما هي مسؤولية كل فرد يهمّه أمن وسلامة واستقرار الوطن وسمعة الإسلام والمسلمين، فدون مواجهة هذه العناصر الإجرامية والتصدّي لها بحزم وقوّة من قبل الدولة والمواطنين على حدٍ سواء؛ فإننا إنما نسهم في تدمير وطننا ومستقبل أبنائه، ونؤكد تلك النظرة السلبية تجاه الدين الإسلامي الذي يصفه بعض الذين لا يدركون جوهره الحقيقي بأنه «لا يعرف العفو والصفح والسماحة؛ وإنما جاء بالعنف والتطرُّف والسماجة»..!!.
K.aboahmed@gmail.com