الحصاد المُر للسنوات الماضية في العراق يتجلَّى في الموت اليومي المُتنقل بالمدن والقرى، كما تظهر آثاره السلبية في حالة العجز السياسي الظاهر، مما شجّع ويشجع على تقسيم العراق وإدخاله في ثقب إبرة التنافي العدمي المستطير.
ما كان للمتطرفين أن ينالوا الظَّفر العسكري المفاجئ لو لم يلتحق بهم جموع المواطنين الذين عانوا الأمرّين من الإذلال والإفقار المُتعمَّد، وبهذا المعنى لا يمكن تجيير المتغيّر العاصف على المتطرّفين فقط كما يتم التعميم من قبل بعض الأجهزة الإعلامية المُخاتلة، بل أيضاً وضمناً على المكوّنات الاجتماعية العراقية التي بادرت إلى القيام بفعل مناجز لنظام الأسوار المحمية في المنطقة الخضراء.
ومن هنا تجدر الإشارة إلى الحقيقة الجوهرية في المعادلة، بوصفها حقيقة معنوية وميدانية، تتجاوز «الداعشيين» بمراحل، وهذا يفضي بنا إلى استنتاج مؤكد يتعلّق بالاختلاف القائم بين الطائفيين والعراقيين الأسوياء، الذين يدركون أن العراق لا يمكنه أن يبقى وفياً لكيانيته وهويته التاريخية العربية الإسلامية متى ما فقد عنصر المواطنة، بوصفه الرافعة الكبرى للهوية المتواشجة لمختلف الأنساق العراقية، بالمعاني الدينية والإثنية أيضاً.
لقد تم الاعتداء على هذه الهوية التاريخية الثقافية، التي شكَّلت سياجاً منيعاً لبقاء العراق العربي الإسلامي، ولا يمكن استعادة هذه التميمة المخطوفة إلا بالعودة إلى الوئام الاجتماعي، ومحاصرة التطرُّف بألوانه وتمظهراته المختلفة، ذلك أن الحاضن المؤكد لأي تطرُّف ينبع من الإلغاء والتهميش وثقافة الاجتثاث العقيمة.
Omaraziz105@gmail.com