الذين يحتقرون الوظيفة العامة هم بالذات من يحتقرون الدولة بوصفها الخيار الوحيد في هذا العصر، والذين يعتبرون الوظيفة العامة مجرّد وجاهة شخصية وإضافة عملية للنفوذ وسرقة المال العام هم أمراء حرب وصفاً وترسيماً وسلوكاً ومنهجاً..!!.
ومن المعروف لدينا أن بعض كبار موظفي الدولة على مستوى الوزراء والسفراء والمديرين، وحتى القيادات العسكرية، هذا البعض يتعامل مع المؤسسة والنظام العام والقانون كما لو أنها أوراق سلوفان لامعة يغطّون بها أفعالهم المجافية للمصلحة العامة.
وقد وصلت الوقاحة بالبعض منهم إلى درجة استمرار التعاطي مع المسؤولية كما يتعاطى الواحد مع ملكية خاصة به، بل إن نفراً منهم لا يباشر واجبه الوظيفي إلا بوصفه محطة استرخاء وتداولات تآمرية مع أمثاله من بيادق الشر والعدوان..!!.
على الحاكمية التوافقية الراهنة أن تقف بمسؤولية مطلقة إزاء الوزراء والسفراء والمديرين والقيادات العسكرية والمدنية التي تحتقر الوظيفة العامة وتعتبرها مجرّد حصيلة تترجم مكانتهم الرفيعة العابرة للمشاعر والقوانين والحقوق.
على القيادة السياسية الملتبسة بالقرار الجبري، مراجعة ملفات الذين يجمعون بين المسؤوليات الحكومية والعضوية البرلمانية والمشيخة الاجتماعية والرتبة العسكرية.
ما لم يتم إيقاف هذه المهزلة؛ لن تقوم للدولة قائمة، وعلى المتشبّثين بحق ليس لهم أن يتخلّوا عن ذلك طواعية قبل أن يُجرجروا إلى محاكم الغفران القادمة ليصبحوا وصمة عار في جبين التاريخ.
لم يعد الشعب اليمني قادراً على هضم هذا الظلم المؤسسي المبين، فلقد فاض الكيل، وبلغ السيل الزبى، ومازال بعض المجترئين على الحق والعدل يواصلون أفعالهم المعطّلة لكل صلاح وإصلاح.